كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

تحكي نداك الشذا الفياح طيب ثناً ... على علا شرف الدين التي مدحت
سهل الخلائق لا والله ما اغتبقت ... بمثلها عصبةٌ سكرى ولا اصطحبت
مسدّد الرأي لم تقصر إصابته ... عن الهدى إن دنت قصواه أو نزحت
رقى إلى غايةٍ ما نالها أحدٌ ... ولا سمت نحوها عينٌ ولا طمحت
بهمّة لجميع الناس عاليةٍ ... ونيّةٍ لمليك العصر قد نصحت
يدبّر الملك من مصر إلى حلب ... بعزم كاف به الأيام قد فرحت
يستعمل الحزم في كل الأمور فكم ... قد جدّ لمّا رأى بيض الظّبا مزحت
خصّته عاطفة السلطان فهو بها ... يأسو جوانح دهر طالما جرحت
حتى لقد نسخت أيات سؤدده ... آيات من قد مضى من قبله ومحت
يهذي عداه وليس البدر ينكر مع ... محلّه في كلاب الأرض إن نبحت
أضحت على الجود تبني راحتاه وما ... زالت كذاك وما انفكت وما برحت
كانت معاني الهدى والجود قد خفيت ... عنّا وعن مجده الوضّاح قد شرحت
وكان للجود أخبار فمذ رويت ... أنباؤه نسيت هاتيك واطّرحت
لولا الولوع بأن نلقى له شبها ... لما رنت مقلة للشمس إذ وضحت
دعني من الوزراء الذاهين فما ... رأت لواحظهم هذا ولا لمحت
هذا الذي إن تكن آراؤهم فسدت ... فإنها منه بالتأييد قد صلحت
لا زال يرقى ويلقى السّعد مقتبلاً ... ما انهلّت السحب بالأنواء وانسفحت
وما تألق برقٌ ليس يشبهه ... إلاّ دماء أعاديه التي ذبحت
فكتب هو الجواب إلي:
حمائم الأيك في الأفنان قد صدحت ... أم نسمة الزهر في الإصباح قد نفحت

الصفحة 24