كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

وأقام نيفاً وعشرين سنةً. وقال أيضاً: فضيحة لم يقع في العالم مثلها: أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام في مثلها تسمى كل منهم بأمير المؤمنين، وهم خلف الخضري بإشبيلية على أنه هشام بن الحكم، ومحمد بن القاسم بن حمود بالجريزة، ومحمد بن إدريس بن حمود بمالقة، وإدريس بن علي بن حمود.
وقال أيضاً في كتاب الملل والنحل: أنذرنا الجفلى لحضور دفن المؤيد هشام بن الحكم المستنصر، فرأيت أنا وغيري نعشاً وفيه شخص مكفن، وقد شاهد غسله رجلان شيخان حكمان من حكام المسلمين من عدول القضاة في بيت، وخارج البيت أبي رحمه الله تعالى وجماعة عظماء البلد، ثم صلينا عليه في ألوف من الناس، ثم لم نلبث إلا شهوراً نحو التسعة حتى ظهر حياً وبويع بالخلافة، ودخلت إليه أنا وغيري وجلست بين يديه، وبقي كذلك ثلاثة أعوام غير شهرين وأيام، حتى لقد أدى ذلك إلى توسوس جماعة لهم عقول في ظاهر الأمر، إلى أن ادعوا حياته حتى الآن، وزاد الأمر حتى أظهروا بعد ثلاث وعشرين سنة من موته على الحقيقة إنساناً قالوا هو هذا، وسفكت بذلك الدماء وهتكت الأستار وأخليت الديار وأثيرت الفتن.
انتهى كلام ابن حزم رحمه الله تعالى.
وقلت أنا في ذلك:
قد قتل المنصور في قوص ... واقتصّ من القتال في القاهره
وبعد اثني عشر عاماً مضت ... من صفد في عصبة فاجره
يطلب ملكاً في يدي غيره ... وهذه أعجوبة ظاهره

الصفحة 28