كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

والسلاح والعدد، فإذا ركبوا زلزلوا الأرض، وجابوا طول البسيطة والعرض، لو صد بهم جبلاً صدعه أو رد بهم على سيل حافر كفه عن شأوه وردعه، لا جرم أنه بهم نجا، ووجد له من ضيق الناصر أحمد مخرجا.
وهو أحد من يشار إليه في الحل والعقد، بعد الملك الناصر محمد، وهو الذي قوى عزم قوصون على إقامة المنصور أبي بكر، وخالف بشتاك، وقال: هذا الذي ولاه أستاذكم وهو أبوه، وما اختار الذي تختاره أنت، وأبوهما أخبر بهما.
ولما نسب إلى المنصور ما نسب من اللهو واللعب، واستعمال الشراب حضر إلى باب القصر وبيده دمرتاش، وقال: أيش هذا اللعب؟ فانفل الجماعة الذين كانوا عند السلطان أبي بكر.
ولما توفي الناصر محمد فرغ عن الوظيفة وولى مكانه أروم بغا، ثم إن الناصر أحمد لما جلس على كرسي الملك ولاه نيابة صفد، فخرج إليها وأقام بها مديدة، ولما انهزم الفخري من رمل مصر، ووصل إلى جينين قاصداً الأحمدي هذا، وأشار مماليكه عليه بذلك، ونزل هو من صفد، ولو اجتمعا ما نال أحمد منهما غرضاً، ثم إن الفخري قال: لا، هذا أيدغمش على عين جالوت هنا وهو أقرب، فجاء إليه فأمسكه، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة الفخري، ثم إن الناصر أحمد حقد على الأحمدي ذلك وهم بإمساكه، فأحسن بذلك، فخرج من صفد هو ومماليكه ملبسين عدة السلاح، واتبعهم عسكر صفد فخرج منهم واحد وقتل ركن الدين عمر البتخاصي الحاجب الصغير.
ثم إن الأحمدي قصد دمشق وليس لها يومئذ نائب، فخرج الأمراء ليلاً لإمساكه فقال: أنا قد جئت إليكم غير محارب، فإن جاء أمر السلطان بإمسكاي أمسكوني وأنا

الصفحة 82