كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 2)

وسلّم للأقدار طوعاً وما عتا ... ولو شاء خلّى السيف بالدم يرعف
وسار إلى البيت العتيق مقيّداً ... وريح الصبا تعتلّ والورق تهتف
فيا عجباً ما كان في الدهر مثله ... يطوف ويسعى وهو في القيد يرسف
وعاجوا به من بعد للكرك التي ... على ملكها في نفس الملوك تأسّف
وأودع في حصن بها شامخ الذرّى ... تراه بأقراط النجوم يشنّف
سيؤويه من آوى المسيح ابن مريم ... وينجو كما نجّي من الجبّ يوسف
ولم يزل في الكرك معتقلاً إلى أن ولي الملك السلطان الملك الصالح صالح، فأفرج عنه وعن الأمير سيف الدين شيخو وبقية الأمراء المعتقلين بالإسكندرية، ووصل إلى القاهرة، فوصله وأنعم عليه وخلع عليه، ورسم له بنيابة حلب عوضاً عن الأمير سيف الدين أرغون الكاملي.
فوصل إلى دمشق نهار السبت ثالث عشري شعبان سنة اثنين وخمسين وسبع مئة ومعه الأمير عز الدين طقطاي ليقره في النيابة ويعود، ولما وصل إلى غزة عمل له الأمير سيف الدين بيبغاتتر النائب بغزة سماطاً فأكله، ولما فرغ منه أمسكه وجهزه مقيداً إلى الكرك، وتوجه هو إلى حلب وباشر النيابة، ومن حين دخلها تغيرت نيته وفسدت على الأمير طاز وعلى الدولة، ووسوس له الشيطان، نعوذ بالله منه، وحسن له كل قبيح، وسول له كل فساد بعد ذلك الخير والصلاح، واتفق مع أحمد الساقي نائب حماة، ومع بكلمش نائب طرابلس على الركوب والحضور إلى دمشق، فإن وافقهم أرغون الكاملي نائبها على ما يريدون وإلا ضربوا معه مضافاً، وأخذوا عسكر الشام وتوجهوا به إلى مصر، واتفق معه الأمير زين الدين قراجا بن دلغادر نائب الإبلستين

الصفحة 88