كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

من أَهلهَا خلقا عَظِيما وَخرب أَكْثَرهَا وَحرق جُلَّ آدرها ثمَّ أخرج الْأُسَارَى إِلَى ظَاهر الْبَلَد وحشروا فِي مَكَان وَاحِد وَحمل فِي وَسطهمْ برمحه ففرقهم فرْقَتَيْن فَأخذ الْفرْقَة الَّتِي كَانَت عَن يَمِينه لنَفسِهِ وَأطلق الْفرْقَة الَّتِي كَانَت عَن يسَاره لعسكره وَقَالَ لفرقته قد أطلقتكم شكرا لله تَعَالَى على مَا أولاني من فتح بِلَاد مصر فَإِنِّي قد ملكتها بِلَا شكّ ووقف إِلَى أَن عدى أَكْثَرهم النّيل إِلَى جِهَة منية حمل وَأخذ الْعَسْكَر نصِيبهم من الْأُسَارَى فاقتسموهم وَبَقِي أهل بلبيس الَّذين أَسرُّوا أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة فِي أسر الفرنج وَهلك أَكْثَرهم فِي أَيْديهم وأفلت مِنْهُم الْيَسِير لِأَن الْملك النَّاصِر رَحمَه الله تَعَالَى لما ملك ديار مصر وقف مُغَلَّ بلبيس على كثرته على فكاك الأسرى مِنْهُم وسامح أهل بلبيس بخراجهم إِلَى آخر أَيَّامه
وَلما أتصل بشاور مَا جرى على أهل بلبيس من الْقَتْل والأسر وَأَن الفرنج شحنوها بِالرِّجَالِ والعُدد وجعلوها لَهُم ظهرا أشْفق من ذَلِك وَطلب الْإِذْن على العاضد فَلَمَّا اجْتمع بِهِ بكي بَين يَدَيْهِ وَقَالَ اعْلَم أَن الْبِلَاد قد ملكت علينا وَلم يبْق إِلَّا أَن تكْتب إِلَى نور الدّين وتشرح لَهُ مَا جرى وتطلب نصرته ومعونته فَكتب جَمِيع ذَلِك وَأرْسل شاور طيَّ تِلْكَ الْكتب كتبا وسخم أعاليها بالمداد
قَالَ وحَدثني شمس الْخلَافَة مُوسَى بن شمس الْخلَافَة مُحَمَّد بن مُخْتَار قَالَ إِنَّمَا كتب هَذَا الْكتاب بِرَأْي أبي شمس الْخلَافَة لِأَنَّهُ لما رَجَعَ من عِنْد مرِّي لَعنه الله بعد أَخذ بلبيس اجْتمع بالكامل بن شاور وَقَالَ لَهُ عِنْدِي أَمر لَا يمكنني أَن أفضي بِهِ إِلَيْك إِلَّا بعد أَن تحلف لي أَنَّك لَا

الصفحة 104