كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

تطلع أَبَاك عَلَيْهِ فَلَمَّا حلف لَهُ قَالَ إِن أَبَاك قد وطَّن نَفسه على المصابرة وَآخر أمره يسلم الْبِلَاد إِلَى الفرنج وَلَا يُكَاتب نور الدّين وَهَذَا عين الْفساد فاصعد أَنْت إِلَى العاضد وألزمه أَن يكْتب إِلَى نور الدّين فَلَيْسَ لهَذَا الْأَمر غيرَة فَصَعدَ الْكَامِل وَكتب الْكتاب فَلَمَّا وصل إِلَى نور الدّين انزعج انزعاجاً عَظِيما وأنفذ أَسد الدّين وَكَانَ ذَلِك من مُناه وَأرْسل الْفَقِيه عِيسَى الهكاري إِلَى مصربرسالة ظَاهِرَة إِلَى شاور يُعلمهُ أَن العساكر واصلة وبرسالة سَرِيَّة إِلَى العاضد وَأمره أَن يستحلفه على أَشْيَاء عيَّنها وَأَن يكتم ذَلِك من شاور
وَأما الفرنج فَسَارُوا إِلَى جِهَة مصر وَأمر شاور بإحراق مصر وأنذر أَهلهَا فَخرج النَّاس مِنْهَا على وُجُوههم وهجُوا فِي بِلَاد مصر وَبلغ أُجْرَة الْجمل إِلَى الْقَاهِرَة ثَلَاثِينَ دِينَارا وَترك النَّاس أَكثر أَمْوَالهم فنهبت وأحرقت مصر فِي تَاسِع صفر وأقامت النَّار تعْمل فبها أَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا
ثمَّ إِن الفرنج لعنهم الله نزلُوا فِي بركَة الْحَبَش وانبثت خيولهم فِي الْأَطْرَاف وتخطفوا من ظفروا بِهِ فأنفذ شاور شمس الْخلَافَة إِلَى مرِّي لَعنه الله فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ سَأَلَهُ أَن يخرج مَعَه إِلَى بَاب الْخَيْمَة

الصفحة 105