كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

فَفعل فَأرَاهُ شمس الْخلَافَة جِهَة مصر وَقَالَ لَهُ أَتَرَى دخاناً فِي السَّمَاء قَالَ نعم قَالَ هَذَا دُخان مصر وَمَا أَتَيْتُك إِلَّا وَقد أحرقت بِعشْرين ألف قَارُورَة نفط وَفرقت فِيهَا عشرَة آلَاف مشعل وَمَا بَقِي فِيهَا مَا يؤمل بَقَاؤُهُ ونفعه فخلَّ الْآن عَنْك مدافعتي ومخاتلتي وكوني كلما قلت لَك انْزِلْ فِي مَكَان تعديت إِلَى غَيره وَمَا بَقِي لَك إِلَّا أَن تنزل بِالْقَاهِرَةِ فَقَالَ هُوَ كَمَا تَقول وَلَا بُد من نزُول الْقَاهِرَة وَمَعِي فرنج من وَرَاء الْبَحْر قد طمعوا فِي أَخذهَا ثمَّ رَحل فَنزل على الْقَاهِرَة مِمَّا يَلِي بَاب البرقية نزولاً قَارب بِهِ الْبَلَد حَتَّى صَارَت سِهَام الجرخ تقع فِي خيمه فَقَاتلُوا الْبَلَد أَيَّامًا
فَلَمَّا تَيَقّن شاور الضعْف عدل إِلَى طَرِيق المخادعة والمخاتلة والمغاورة والمدافعة إِلَى أَن تصل عَسَاكِر الشَّام فأنفذ شمس الْخلَافَة إِلَى مري لَعنه الله تَعَالَى برسالة طَوِيلَة فتل بهَا فِي غاربه وَدَار من حواليه وَفِي ضمنهَا إِن هَذَا بلد عَظِيم كَبِير وَفِيه خلق كثير وَلَا يُمكن تَسْلِيمه أَلْبَتَّة وَلَا أَخذه إِلَّا بعد أَن يقتل من الْفَرِيقَيْنِ عَالم عَظِيم وَمَا تعلم أَنْت وَلَا أَنا لمن الدائرة والرأي أَن تحقن دِمَاء أَصْحَابك وَدِمَاء أَصْحَابِي وتحصِّل

الصفحة 106