كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

مقَام وشاور يَقُول لَك أرى أَن ترحل وَنحن باقون على الْهُدْنَة فَإِنَّهُ أوفق لَك وَلنَا وَإِذا حصل هَذَا الرجل عندنَا أرضيناه من هَذَا المَال بِشَيْء وحملنا الْبَاقِي إِلَيْك مَتى قَدرنَا وَإِن نَحن أخرجنَا فِي رضاهم أَكثر من هَذَا المَال عدنا عَلَيْك بِمَا يبْقى علينا من الْمِقْدَار فَقَالَ ملك الفرنج أَنا راضٍ بذلك وَإِن بَقِي عَليّ شَيْء حَملته إِلَيْكُم وعول على الرحيل فَقَالَ لَهُ بعد أَن تطلق ابْن طي بن شاور وَجَمِيع من فِي عسكرك من الْأُسَارَى وَلَا تَأْخُذ من بلبيس بعد انصرافك شَيْئا فَأَجَابَهُ إِلَى جَمِيع ذَلِك
وَلما رحلت الفرنج عَن الْقَاهِرَة نزل أَسد الدّين بِأَرْض يُقَال لَهَا اللوق وَأخرج إِلَيْهِ شاور الإقامات الْحَسَنَة والخدم الْكَثِيرَة وَلما اجْتمعَا قَالَ شاور لاسد الدّين قد رَأَيْت من الرَّأْي أَن أخرج أَنا وَأَنت وندرك الفرنج ونوقع بهم فَقَالَ أَسد الدّين هَذَا كَانَ رَأْيِي والفرنج على الْبر الغربي وَلَيْسَ لَهُم وزر وَأما الْآن فَلَا لأَنهم على الْبر الْمُتَّصِل ببلادهم وَنحن فقد خرجنَا من الْبر فِي أَسْوَأ حَال من الضعْف والتعب وَقد كفانا الله شرهم وَنحن إِلَى الرَّاحَة والاستجمام أحْوج
وَلما نزل أَسد الدّين باللوق أرسل إِلَيْهِ العاضد هَدِيَّة عَظِيمَة وخلعاً كَثِيرَة وَأخرج إِلَى خدمته أكَابِر أَصْحَابه ثمَّ إِنَّه خرج إِلَيْهِ فِي اللَّيْل سرا متنكراً وَاجْتمعَ بِهِ فِي خيمته وأفضى إِلَيْهِ بِأُمُور كَثِيرَة مِنْهَا قتل شاور ثمَّ عَاد إِلَى قصره وَكَانَ شاور قد رأى لَيْلَة نزل أَسد الدّين على الْقَاهِرَة

الصفحة 108