كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

عورتها وَعَلمُوا مسالك رقعتها وتيقنت اني مَتى خرجت مِنْهَا عَادوا اليها واحتَووُا عَلَيْهَا وَهِي مُعظم دَار الاسلام وحلوبة بَيت مَالهم وَقد قوى عِنْدِي ان اثب عَلَيْهَا قبل وثوبهم واملكها قبل مملكتهم واتخلص من شاور الَّذِي يلْعَب بِنَا وبهم ويغرنا ويغرهم وَيضْرب بَيْننَا وَبينهمْ وَقد ضيع اموال هَذِه الْبِلَاد فِي غير وَجههَا وقًّوى بهَا الفرنج علينا وَمَا كل وَقت ندرك الفرنج ونسبقهم الى هَذِه الْبِلَاد الَّتِي قد قل رجالها وَهَلَكت ابطالها فتنخلت الاراء بَين الامراء انه لَا يتم لَهُم امْر الا بعد الْقَبْض على شاور وَتَفَرَّقُوا على إِيقَاع الْقَبْض بِهِ
وَكَانَ شاور يركب فِي الأبهة العظمية وَالْجَلالَة الجسيمة وَالْعدة الْحَسَنَة والالة الجميلة على عَادَتهم الاولى وَكَانَ من جملَة قواعدهم ان الْوَزير اذا ركب حمل فِي موكبه الطبل والبوق وَكَانَ شاور قَلِيل الرّكُوب فَجعل الْأُمَرَاء يترصدونه وَرَاء اسد الدّين قبل قبض شاور بليلة كَأَن شاور دَاخل إِلَيْهِ إِلَى دَاره وناوله سَيْفه وعمامته فتأوله اسد الدّين بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَأخذ منصبه
ثمَّ إِن شاور ركب يَوْمًا فِي ابهته وجلالته فَلَمَّا عاينه الْأُمَرَاء هابوه وأحجموا عَنهُ وَكَانَ يَوْمًا عَظِيم الضباب وَكَانَ خُرُوج شاور من بَاب القنطرة للسلام على اسد الدّين فَتقدم صَلَاح الدّين فَسلم عَلَيْهِ وَدخل فِي موكبه ثمَّ سايره ثمَّ مد يَده الى تلابيبه وَصَاح عَلَيْهِ فرجًّله وَلما رأى

الصفحة 110