كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

عَلَيْهِم وَبَالغ فِي العطايا والهبات وَكَانَ وزيرا متحكما لَا يرد أمره فِي شَيْء ثمَّ نزل الفرنج عَلَيْهَا فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَاشْتَدَّ زحفهم عَلَيْهَا وقتالهم لَهَا وَهُوَ رَحمَه الله تَعَالَى يَشن الغارات عَلَيْهِم من خَارج والعسكر يقاتلهم من دَاخل ونْصرُ الله للْمُسلمين يؤيدهم وَحسن قَصده فِي نصْرَة دين الله يسعدهم وينجدهم حَتَّى بَان لَهُم الخسران وَظهر على الْكفْر الْإِيمَان وَرَأَوا أَنهم ينجون برؤوسهم ويسلمون بنفوسهم فرحلوا خائبين خاسرين فحرقت مجانيقهم ونهبت الآتهم وَقتل مِنْهُم خلق عَظِيم وَسلم الْبَلَد بِحَمْد الله ومنِّه
وَقَالَ الْعِمَاد أَقَامَ صَلَاح الدّين بِالْقَاهِرَةِ فِي دَار ملكه ومدار فلكه يُنهض إِلَيْهَا المدد بعد المدد وَيُرْسل إِلَيْهَا الْعدَد بعد الْعدَد ويسهر ليله وَلَا يقيل نَهَاره وَقد أخْلص لله سره وجهاره وَلَا ينَام وَلَا ينيم وَعِنْده من ذَلِك المُقْعِد الْمُقِيم وَسبق تقيّ الدّين ابْن أخي السُّلْطَان إِلَى دمياط فَدَخلَهَا وَكَذَا خَاله شهَاب الدّين مَحْمُود فنزلها واتَّصل الْحصار وتواصل الْأَنْصَار ودب فِي الفرنج الفناء وهب عَلَيْهِم الْبلَاء فرحلوا عَنْهَا فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من ربيع الأول بالذل الْأَكْمَل وَالصغَار الأشمل
وَكَانَ لما وصل الْخَبَر إِلَى نور الدّين بوصولهم واجتماعهم على دمياط ونزولهم اغتنم واهتم واستصعب الملم وأنهض من عِنْده عسكراً ثقيلا مقدمه الْأَمِير قطب الدّين خسرو الهذباني وَكَانَ مقداماً مقدّما وهُماما مُعْلما وَأمره أَن يسير بالعسكر ويخوض بهم بَحر العجاج الأكدر

الصفحة 142