كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

قَالَ وَكَانَ قطب الدّين من أحسن الْمُلُوك وأعفَّهم عَن أَمْوَال رَعيته محسنا إِلَيْهِم كثير الإنعام عَلَيْهِم محبوباً إِلَى صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ حَلِيمًا عَن المذنبين مِنْهُم سريع الانفعال للخير حدَّثني وَالِدي قَالَ استدعاني يَوْمًا وَهُوَ بالجزيرة وَكنت أتولى أَعمالهَا فلامني فِي بعض الْأَمر فَقلت أَخَاف من الِاسْتِقْصَاء لودعي على بعض هَؤُلَاءِ الْمُلُوك وأومأت إِلَى أَوْلَاده لكَانَتْ شَعْرَة مِنْهُ تَسَاوِي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلنَا مَوَاضِع تحْتَمل الْعِمَارَة يتَحَصَّل مِنْهَا أَضْعَاف هَذَا فَقَالَ جَزَاك الله خيرا لقد نصحت وَأديت الْأَمَانَة فاشرع فِي عمَارَة هَذِه الاماكن فَفعلت وَكَبرت منزلتي عِنْده وَلم يزل يثني عليّ
قَالَ وَكَانَ كثير الصَّبْر وَالِاحْتِمَال من أَصْحَابه لقد صَبر من نوابه زين الدّين وجمال الدّين وَغَيرهمَا على مَا لم يصبر عَلَيْهِ سواهُ وَكَانَ حسن الِاتِّفَاق مَعَ اخيه الْملك الْعَادِل نور الدّين كثير المساعدة لَهُ والإنجاد بِنَفسِهِ وَعَسْكَره وأمواله حضر مَعَه المصافَّ بحارم وَفتحهَا وَفتح بانياس وَكَانَ يخْطب لَهُ فِي بِلَاده بِاخْتِيَارِهِ من غير خوف وَكَانَ إحسانه إِلَى أَصْحَابه مُتَتَابِعًا من غير طلب مِنْهُم وَلَا تَعْرِيض وَكَانَ يبغض الظُّلم وَأَهله ويعاقب من يَفْعَله
قَالَ وَبِاللَّهِ أقسم إِذا فَكرت فِي الْمُلُوك أَوْلَاد زنكي سيف الدّين وَنور الدّين وقطب الدّين وَمَا جمع الله فيهم من مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن

الصفحة 164