كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

وَكَانَ نور الدّين يُكَاتب صَلَاح الدّين بالأمير الأسفهسلار وَيكْتب علامته فِي الْكتب تَعْظِيمًا أَن يكْتب اسْمه وَلَا يفرده فِي كتاب بل يكْتب الْأَمِير الأسفهسلار صَلَاح الدّين وكافة الْأُمَرَاء بالديار المصرية يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا
واستمال صَلَاح الدّين قُلُوب النَّاس وبذل لَهُم الْأَمْوَال مِمَّا كَانَ أَسد الدّين قد جمعه وَطلب من العاضد شَيْئا يُخرجهُ فَلم يُمكنهُ مَنعه فَمَال النَّاس إِلَيْهِ وأحبوه وقويت نَفسه على الْقيام بِهَذَا الْأَمر والثبات فِيهِ وَضعف أَمر العاضد وَكَانَ كالباحث عَن حتفه بظلفه
وَأرْسل صَلَاح الدّين يطْلب من نور الدّين أَن يُرْسل إِلَيْهِ إخْوَته فَلم يجبهُ إِلَى ذَلِك وَقَالَ أَخَاف أَن يُخَالف أحد مِنْهُم عَلَيْك فتفسد الْبِلَاد ثمَّ إِن الفرنج اجْتَمعُوا ليسيروا إِلَى مصر فسير نور الدّين العساكر وَفِيهِمْ إخْوَة صَلَاح الدّين مِنْهُم شمس الدولة تورانشاه بن أَيُّوب وَهُوَ أكبر من صَلَاح الدّين فَلَمَّا أَرَادَ أَن يسير قَالَ لَهُ إِن كنت تسير إِلَى مصر وَتنظر إِلَى أَخِيك أَنه يُوسُف الَّذِي كَانَ يقوم فِي خدمتك وَأَنت قَاعد فَلَا تسر فَإنَّك تفْسد الْبِلَاد وأُحضرك حِينَئِذٍ وأعاقبك بِمَا تستحقه وَإِن كنت تنظر إِلَيْهِ أَنه صَاحب مصر وقائم فِيهَا مقَامي وتخدمه بِنَفْسِك كَمَا تخدمني فسر إِلَيْهِ وَاشْدُدْ أزره وساعده على مَا هُوَ بصدده فَقَالَ أفعل مَعَه من الْخدمَة وَالطَّاعَة مَا يصل إِلَيْك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَكَانَ كَمَا قَالَ
وَقَالَ الْعِمَاد لما فُرغ بعد ثَلَاثَة أَيَّام من التَّعْزِيَة بأسد الدّين اخْتلفت

الصفحة 72