كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

وَلما اتَّصل بضرغام خبر وُرُود شاور وَأسد الدّين بالعساكر الشامية جمع أُمَرَاء مصر واستشارهم فَأَشَارَ شمس الْخلَافَة مُحَمَّد بن مُخْتَار بِأَن تَجْتَمِع العساكر وَتخرج جَرِيدَة وتلقى العساكر الشامية بصدر وَهُوَ على يَوْمَيْنِ من الْقَاهِرَة فَإِنَّهُم لَا يثبتون لكَوْنهم خَرجُوا من الْبَريَّة ضعفاء ولمكان قلَّة المَاء عَلَيْهِم لِأَن الْمُسَافِر إِلَى مصر يحمل المَاء من أيْلة مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام فَلم يرَوا ذَلِك واختاروا أَن يلقوهم على بلبيس فَأمر ضرغام الْأُمَرَاء بِالْخرُوجِ فَخَرجُوا فِي أحسن زِيّ وأكمل عدَّة والمقدَّم عَلَيْهِم نَاصِر الدّين ملهم أَخُو ضرغام وجاؤوا حَتَّى أحاطوا بِالتَّلِّ الَّذِي كَانَ أَسد الدّين نازلا عَلَيْهِ
وَلما عاين أَسد الدّين كَثْرَة العساكر وَأَنَّهُمْ قد ملكوا عَلَيْهِم الْجِهَات وسدوا منافذ الطرقات قَالَ لشاور يَا هَذَا لقد أرهقتنا وغررتنا وَقلت إِنَّه لَيْسَ بِمصْر عَسَاكِر فَجِئْنَا فِي هَذِه الشرذمة فَقَالَ لَهُ شاور لَا يهولنك مَا تشاهد من كَثْرَة الجموع فأكثرها الحاكة والفلاحون الَّذين يجمعهُمْ الطبل وتفرقهم الْعَصَا فَمَا ظَنك بهم إِذا حمى الْوَطِيس وكلبت الْحَرْب وَأما الْأُمَرَاء فَإِن كتبهمْ عِنْدِي وعهودهم معي وسترى ذَلِك إِذا لَقِينَاهُمْ ثمَّ قَالَ أُرِيد أَن تَأمر العساكر بالاستعداد وَالرُّكُوب فَفعل ونهاهم شاور عَن الْقِتَال
ووقف الْفَرِيقَانِ مصطفين من غير حَرْب إِلَى أَن حمى النَّهَار والتهب الْحَدِيد على أجساد الرِّجَال فَضرب أَكثر أهل مصر الخيم الصغار وخلعوا

الصفحة 88