كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

أَصْحَابه قَاصِدا أَخَاهُ نور الدّين فَلَمَّا قَرُب مِنْهُ نزل وَقبل الأَرْض بَين يَدَيْهِ فَلم يلْتَفت عَلَيْهِ فتم على وَجهه واصطف النَّاس للحرب فَحملت الفرنج فَكسرت الميسرة ثمَّ عَادَتْ فَوجدت راجلها جَمِيعه قد قتل وَالْخَيْل قد أطبقت عَلَيْهِم فنزلوا عَن الْخُيُول وألقوا أسلحتهم وأذعنوا بالأمان فَأخذُوا جَمِيعًا قبضا بِالْأَيْدِي
وَسَار إِلَى حارم فَفَتحهَا وَأَرَادَ النُّزُول على أنطاكية فَلم يتَمَكَّن لشغل قلبه بِمن فِي مصر من الْمُسلمين فانحرف قَاصِدا لدمشق وَنزل على بانياس فافتتحها وأغار على بلد طبرية وَجمع أَعْلَام الفرنج وشعافهم وَجعلهَا فِي عَيْبَة وَسلمهَا إِلَى نَجَّاب وَقَالَ لَهُ أُرِيد أَن تُعمل الْحِيلَة فِي الدُّخُول إِلَى بلبيس وتخبر أَسد الدّين بِمَا فتح الله على الْمُسلمين وتعطيه هَذِه الْأَعْلَام والشعاف وتأمره بنشرها على أسوار بلبيس فَإِن ذَلِك مِمَّا يفتُّ فِي أعضاد الْكفَّار وَيدخل الوهن عَلَيْهِم فَفعل ذَلِك فَلَمَّا رأى الفرنج الْأَعْلَام والشعاف قلقوا لذَلِك وخافوا على بِلَادهمْ وسألوا شاور الْإِذْن فِي الِانْفِصَال فانزعج شاور لذَلِك وَخَافَ من عَاقِبَة الْأَمر وسألهم التَّمُّهل أَيَّامًا وَجمع أمراءه للمشورة فأشاروا عَلَيْهِ بمصالحة أَسد الدّين وتكفل إتْمَام الصُّلْح لَهُ الْأَمِير شمس الْخلَافَة فأنفذه إِلَيْهِ فتم الصُّلْح على يَدَيْهِ على أَن يحمل شاور إِلَى أَسد الدّين ثَلَاثِينَ ألف دِينَار أُخْرَى

الصفحة 92