كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

كَانَ يصل إِلَيْهِ فِي الْعَام الْمَاضِي فَسَار مُرِّي فِي عَسَاكِر الفرنج إِلَى مصر على جَانب الْبَحْر وَكَانَ أَسد الدّين سائراً فِي الْبر فسبقه الفرنج ونزلوا على ظَاهر بلبيس وَخرج شاور بعساكر مصر وَاجْتمعَ بِالْملكِ وقعدوا جَمِيعًا فِي انْتِظَار أَسد الدّين
وَعلم أَسد الدّين باجتماع الفرنج بشاور على بلبيس فنكب عَن طريقهم وَأم الْجَبَل وَخرج على إطفيح وَهِي فِي الْجنُوب من مصر وَشن الْغَارة هُنَاكَ واتصل بشاور خَبره فَسَار فِي عساكره والفرنج فِي صحبته يقفو أَثَره واتصل بأسد الدّين ذَلِك فأندفع بَين أَيْديهم حَتَّى بلغ شرونة من صَعِيد مصر وتحيَّل فِي مراكب ركبهَا وعدى إِلَى الْبر الغربي وَلما اسْتكْمل تعديته أدْرك شاور بعض ساقته ومنقطعي عسكريته فأوقع بهم وأحضر شاور أَيْضا مراكب وَقطع النّيل فِي أثر أَسد الدّين بِجَمِيعِ جيوشه وجيوش الفرنج وَسَار أَسد الدّين إِلَى الجيزة وخيم بهَا مِقْدَار خمسين يَوْمًا واستمال قوما يُقَال لَهُم الْأَشْرَاف الجعفريين والطلحيين والقرشيين فأنفذ أَسد الدّين إِلَى شاور يَقُول لَهُ أَنا أَحْلف لَك بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَبِكُل يَمِين يَثِق بهَا الْمُسلم من أَخِيه أنني لَا أقيم بِبِلَاد مصر وَلَا أعاود إِلَيْهَا أبدا وَلَا أمكن أحدا من التَّعَرُّض إِلَيْهَا وَمن عارضك فِيهَا كنت مَعَك إلباً عَلَيْهِ وَمَا أؤمِّل مِنْك إِلَّا نصر الْإِسْلَام فَقَط وَهُوَ أَن هَذَا الْعَدو قد حَصَل بِهَذِهِ الْبِلَاد والنجدة عَنهُ بعيدَة وخلاصه

الصفحة 95