كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 2)

الْمَوْت وحملوا وطلع صَلَاح الدّين من ورائهم فَلم تزل الْحَرْب قَائِمَة إِلَى اللَّيْل فَوَلَّتْ عَسَاكِر الإفرنج والمصريين الإدبار وَكَاد مُرِّي ملك الإفرنج يؤسر وَصَارَ شاور وَمن سلم مَعَه إِلَى منية ابْن خصيب وَسَار أَسد الدّين على الفيوم إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فَدَخلَهَا وَنزل الْقصر وَجعل فِيهِ محبس الفرنج الَّذين أسرهم وَكَانَ فِيهَا ابْن الزبير مُتَوَلِّيًا ديوانها فَحمل إِلَى أَسد الدّين الْأَمْوَال وَقواهُ بِالسِّلَاحِ وَخَافَ أَسد الدّين أَن يَقْصِدهُ شاور والفرنج فيحصروه فَرُبمَا تأذى بالحصار فَأمر صَلَاح الدّين بالْمقَام بالإسكندرية وَترك عِنْده جمَاعَة من الْعَسْكَر وَمن بِهِ مرض أَو جراح أَو ضعف واستحلف لَهُ وُجُوه الْإسْكَنْدَريَّة وأوصاهم بِهِ ورحل فِي أقوياء عسكره قَاصِدا إِلَى الصَّعِيد وَنزل الفرنج وشاور على الْإسْكَنْدَريَّة وحاصروها مُدَّة ثَلَاثَة أشهر بأشد الْقِتَال وبذل أَهلهَا فِي نصْرَة الْملك النَّاصِر أَمْوَالهم وأنفسهم وَقتل مِنْهُم جمَاعَة عَظِيمَة
وَلما صَار أَسد الدّين بالصعيد حصَّل من تِلْكَ الْبِلَاد أَمْوَالًا عَظِيمَة وَلم يزل هُنَاكَ حَتَّى صَامَ شهر رَمَضَان واتصل بِهِ اشتداد الْأَمر على الْإسْكَنْدَريَّة فَرَحل من قوص إِلَى جِهَتهَا وَاتبعهُ جمَاعَة كَثِيرَة من العربان وَأهل تِلْكَ الْبِلَاد وَبلغ ذَلِك شاور فَرَحل هُوَ والفرنج واضطر إِلَى الصُّلْح وضجرت الفرنج أَيْضا فتوسط ملك الفرنج فِي ذَلِك فتقرر أَمر الصُّلْح على أَن شاور يحمل إِلَى أَسد الدّين جَمِيع مَا عزمه فِي هَذِه السفرة وَيُعْطِي الفرنج ثَلَاثِينَ ألف دِينَار وَيعود كل مِنْهُم إِلَى بِلَاده وَطلب صَلَاح

الصفحة 98