كتاب في الأدب الحديث (اسم الجزء: 2)
عمدت فرنسا لبسط نفوذها الثقافي بمصر إلى الإرساليات التبشيرية والتعليمية وقد أسس الآباء العزاريون أول مدرسة فرنسية بمصر سنة 1844، ثم جاء الفرير وأسسوا أول مدرسة لهم سنة 1845، وقد اعترفت الحكومة بخدماتهم التعليمية للبلاد فوهبتهم بعد خمسة أعوام من قدومهم إلى مصر قطعة فسيحة من الأرض شيدوا عليها مدرستهم1.
ثم جاء راهبات المحبة "منشئات أخوية الراعي الصالح" وأسسن مدرسة لتربية البنات سنة 1846. وحذا حذوهن الراهبات الفرنسيسكان وأنشأن مدرسة بالقاهرة سنة 1859 بالقرب من الأزبكية، وأخرى ببولاق سنة 1898، وغيرها بالمنصورة سنة 1872. وقد أم هذه المدارس كثير من الطلبة والطالبات من كل جنس حتى بلغ عددهم في عهد إسماعيل ما يربو على ثلاثة آلاف طالب وطالبة، على الرغم من أن الغرض الأساسي لهذه البعثات كان نشر الدين الكاثوليكي، وخدمة الاستعمار الفرنسي، والتمكين لنفوذ فرنسا الأدبي بمصر، وفي ذلك يقول اللورد كرومر: "إن الفرنسيين قد قضوا نصف قرن قبل الاحتلال البريطاني ينشرون لغتهم بكل ما لديهم من وسائل، في حين ظلت الحكومة البريطانية متعطلة لا تبذل أي جهد في تعليم المصريين"2.
وعلى الرغم من أن فرنسا كانت تسودها روح الإلحاد فإنها شجعت رجال الدين الذين ينشرون الثقافة الفرنسية في الخارج، وأرسلت البعثات "العلمانية" إلى مصر، فأسست عددًا من المدارس، ونوه المسيو "هريو" رئيس مجلس النواب الفرنسي، ورئيس البعثات العلمانية في الشرق بمنهج هذه المدارس، وأنها تعمل على احترام جميع العقائد ونشر الثقافة الفرنسية، والاهتمام بالروح الوطنية في البلاد، وأظهر أن البعثات العلمانية لا تسير في هذا المنهج إلا على ضوء التقاليد التي اشتهرت بها فرنسا، وهي الدفاع عن حرية الشعوب وكرامتها الشخصية"3.
__________
1 تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل -ج1 ص 218.
2 earl comers mod4ern egyt. p. 236.
3 خطبة مسيو هربو في افتتاح مدرسة الليسيه بمصر الجديدة، الأهرام 4 سنة 1938.
الصفحة 13
470