كتاب في الأدب الحديث (اسم الجزء: 2)

المختلفي الجنسية، لقد استجابت فرنسا والفرنسيون لنصيحة نابليون التي يقول فيها: "علموا اللغة الفرنسية ففي تعليمها خدمة الوطن الحقيقية".
رأى كرومر كل هذا، وأن الشعب المصري لا يمكن أن يقبل الاستعمار الإنجليزي إلا إذا أقبل على الثقافة الإنجليزية، وقدم له الإنجليز عملًا مجديًا في سبيل تعليمه، ولكن هل كان كرومر جادًّا في تعليم المصريين؟ أو أن غايته هي بسط نفوذ الاستعمار، ولو أدى ذلك إلى الرجوع بالتعليم إلى الوراء؟!
لقد وضع كرومر سياسة تعليمية سار عليها أمدًا طويلًا، وجاء "دانلوب" في سنة 1906 وورثها عنه ولقنها منه، وعمل على تنفيذها: وتتلخص هذه السياسة في الأمور التالية:
1- نشر التعليم بين الفتيات المصريات، ولعله تأثر في ذلك بما قدمته "مس ونلي" من خدمات في هذا المضمار، وظن أن تعليم البنت وتلقينها الثقافة الإنجليزية يهيئ الفرصة لوجود جيل من الأبناء يحبهم ويعطف عليهم.
2- العمل على محو الأمية بين الفلاحين والطبقات الفقيرة بمصر، وذلك بتعميم مدارس القرى في الريف، ومدارس المساجد في المدن.
3- إعداد فريق من الشبان المصريين لتولي الأعمال الكتابية والإدارية، والفنية المتواضعة في الحكومة.
4- مناهضة الثقافة الفرنسية، واللغة العربية في المدارس وإحلال اللغة الإنجليزية محلها.
وقد أخفق كرومر في هذه السياسة كل الإخفاق؛ لأنه لم يكن خبيرًا بشئون التعليم؛ ولأنه قاوم الحركة الوطنية التي بدأت سيرها منذ عهد محمد علي، والتي نهضت باللغة العربية، وساعدت على انتشار اللغة الفرنسية؛ ولأنه لم يفهم نفسية المصريين على حقيقتها، وظن أنه حين ينهض بتعليم الفتاة يجد إقبالًا على سياسته تلك، ونسي أن الحجاب كان ذا سيطرة قوية حينذاك، وأن المصريين

الصفحة 20