كتاب في الأدب الحديث (اسم الجزء: 2)
نظروا إلى اللغة الإنجليزية على أنها لغة المحتل الغاصب، فانصرفوا عن مدارسه، ومما عمل على شدة إخفاق سياسته في ميدان التعليم ذلك المستشار الإنجليزي الذي وضعه بوزارة المعارف يسير أمورها، وهو لا يعرف من شئون التربية قليلًا أو كثيرًا، ألا وهو المستر "دوجلاس دانلوب" الذي خدم وزارة المعارف من سنة 1906 إلى 1919.
اجتمعت في دوجلاس دانلوب سوأتان، فهو قسيس إسكتلندي، وقد اشتهر أهل إسكتلندا بغلوهم الاستعماري، ونظرتهم إلى الشعوب الملونة نظرة ازدراء، واعتقدوا أنهم لا يصلحون لإدارة أمورهم بأنفسهم، وأنه لا بد لهم من قيادة غربية حتى تستقيم أمورهم. وقد جاء دانلوب خير مثل يضرب لضيق الأفق، ونقص الثقافة، والتعصب الذميم لرأيه، وأصدق ما وصف به هذا الذي نكتب به مصر بعامة، ووزارة المعارف بخاصة ما قاله عنه وعن سياسته البغيضة في التعليم "السير فالنتين تشرول" في كتابه المسألة المصرية:
"لقد كانت سياستنا التعليمية تفتقر إلى الروح المعنوية، والإلهام القوي؛ لأننا تركناها في يد مستشار وزارة المعارف مستر دانلوب. وكان دانلوب حسن النية، دءوبًا على الجد والعمل، غير أن أراءه في التربية لم تتعدَ ما كانت توحي به تلك الدروس التربوية التي تلقاها في حداثته".
"ومهما امتاز دانلوب من صفات محمودة فإنه كان ضيق الفكر، قصير النظر يؤمن بالكمية لا بالنوع. أي كثرة المواد الدراسية لا نوعها، وكان وهو متربع في كرسي مكتبه بوزارة المعارف يصدر الأوامر والنظم والقوانين المتعددة كما تتصورها عقليته، وقلما كان يأبه لرأي سواه. أما نصح المصريين له فكان -بالطبع- لا يجد منه أذنًا مصغية ولا يتسع له صدره"1.فلا بدع إذا أخفق كرومر في سياسته التعليمية بمصر وهذه عِدده
__________
1 sir valentine chirol. the egyptian problem, pp. 231- 232
الصفحة 21
470