كتاب في الأدب الحديث (اسم الجزء: 2)

ووسائله، لقد أتى كرومر مصر ونسبة تعليم البنات بها ثلاثة في الألف1 في سنة 1883 وخرج من مصر سنة 1907 ونسبة تعليم البنات ثلاثة في الألف2 كذلك، وأي إخفاق أعظم من هذا في أول مشروع في منهجه التعليمي!!.
وإذا قيل: لقد امتحن كرومر بتعليم البنت، وأبت مصر المحافظة التي كان للدين بها أثر كبير أن تدفع فتياتها إلى ميدان التعليم ولا سيما وميدان العمل لم يكن قد فتح أمام الفتاة كما هو الشأن اليوم، ولعله كان أكثر نجاحًا في مشروعه الثاني وهو محو الأمية؛ لأنه تعليم للذكور وتعليمهم استمرار للنهضة التي وضع أسسها محمد علي ونماها إسماعيل.
لقد بذل كرومر في تعليم الذكور جهدًا كبيرًا، وأعان مكاتب القرى بالمال، وأنشأ مجالس المديريات، وأعطاها سلطة فرض ضرائب محدودة لتستعين بها على محو الأمية، ومع كل هذا جاءت النتيجة عكس ما قدر "كرومر". فقد ابتدأ عهده في سنة 1883 ونسبة المتعلمين3 من الذكور 16% ورحل عن مصر سنة 1907 ونسبة المتعلمين4 لا تزيد عن 8%، ومعنى ذلك أن عدد المتعلمين قد تضاءل إلى النصف، فهل يعد هذا نجاحًا، أم إخفاقًا ذريعًا؟ ولعل من أسباب هذا الإخفاق وإحجام كثير من المصريين عن التعليم ما نهجه كرومر من فرض اللغة الإنجليزية على المدارس الابتدائية والثانوية، وعدم تشجيع التعليم العالي كما سنذكر بعد قليل، فلم يجد المصريون أمامهم إلا طريقة معقدة تتنافى ودينهم ولغتهم كما وجدوا مستقبلهم معتمًا لا يشجعهم على دفع أبناءهم إلى المدارس المصرية التي صبغت بصبغة إنجليزية، ولقد كانت جمهرتهم متدنية، ونظرت إلى هذا النوع من التعليم على أنه شيء ليس فيه ما يرضى الله أو الدين أو الوطن، ولم يقبل على المدارس المصرية إلا القليل من أبناء المدن
__________
1 Yacoub Artin Pasha. L'Instruction Publique on Egypte Appendex A. P. 151.
2 الإحصاء الحكومي العام سنة 1907.
3 Yacoub Artin Pasha; L'Instruetion Publique on Egypt. Appendex A. P. 152.
4 الإحصاء الحكومي العام سنة 1907.

الصفحة 22