كتاب في الأدب الحديث (اسم الجزء: 2)

ولكن كتبه هذه لم تأته بالثمرة الموجوة، ولم يستجب المصريون لدعوته ودعوة غيره من المستعمرين كي يتخذوا العامية أداة للتعبير الأدبي ويهجروا الفصحى لغة القرآن، وذات المجد العريق.
وفي سنة 1901، أصدر "مستر ويلمور" أحد قضاة مصر كتابًا1 تناول فيه هذه المسألة ونصح المصريون بهجر اللغة الفصحى، واتخاذ اللغة العامية أداة للتعبير والكتابة، وقد أثار هذا الكتاب ضجة في الصحف المصرية. وتصدى أكثر من كاتب للرد عليه. وكانت مجلة الهلال ميدان هذه الردود وقد أيدت اللغة العربية ودافعت عنها2 ثم جاء إسكندر معلوف من سوريا، وحاول أن يوهم الجمهور المصري بأن أهم أسباب تأخره في الحقيقة هو تمسكه باللغة العربية الفصحى وعجب من تمسك المصريين بها مع أن الفرس والهنود والأتراك مسلمون، وهم لا يستخدمون العربية، واحتج بأن الحكومة المصرية قد تركتها في مدارسها، وأحلت محلها اللغة الإنجليزية، وقد أثنى عليها ثناء مستطابًا لإقدامها على هذه الخطوة، ورأى أن الخطوة الثانية التي يجب أن يخطوها المصريون هي أن تدع الصحف والمجلات هذه اللغة وتكتب باللغة العامية، حتى يفيد العامة وجمهرة الشعب بما تكتب، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة ثالثة وهي تدوين العلوم والآداب باللغة العامية وبذلك يستطيع الشعب كله أن يحصل العلم بسهولة ويسر، وأهاب بالكتاب المصريين والعلماء أن يخطوا هذه الخطوات في سبيل رقى بلادهم3.
ومن المصريين الذين أيدوا ويلككس في دعوته إلى العامية حين نشر رسالته التي يزعم فيها أننا نتحدث بالبونية لا بالعربية "سلامة موسى" فقد أثنى على ولككس ثناء مستطابًا وزعم أنه شغلته هموم مصر كثيرًا ومن أكبر همومه التي أقضت مضجعه هذه اللغة التي نكتبها ولا نتكلمها.
__________
1 لندن. the spoken arabic of egypt, j. soldea willmote. 1901
2 انظر الهلال السنة العاشرة وعلى الأخص عدد فبراير 1903.
3 مجلة الهلال 15 من مارس 1902.

الصفحة 47