كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 2)

قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يُتَابِعُهُ فَيَرْكَعُ مَعَهُ. وَالثَّانِي: لَا يَرْكَعُ مَعَهُ بَلْ يَسْجُدُ، وَيُرَاعِي تَرْتِيبَ صَلَاةِ نَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَتَارَةً يُوَافِقُ مَا أَمَرْنَاهُ، وَتَارَةً يُخَالِفُ. فَإِنْ وَافَقَ وَرَكَعَ مَعَهُ، فَأَيُّ الرُّكُوعَيْنِ يَحْتَسِبُ؟ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ: بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: بِالثَّانِي. فَإِنْ قُلْنَا: بِالثَّانِي، حَصَلَتْ لَهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ بِكَمَالِهَا. فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، ضَمَّ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَتَمَّتْ جُمُعَةً بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَوَّلِ، حَصَلَتْ رَكْعَةً مُلَفَّقَةً مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى، وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ. وَفِي إِدْرَاكِ الْجُمُعَةِ بِالْمُلَفَّقَةِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: تُدْرَكُ. أَمَّا إِذَا خَالَفَ مَا أَمَرْنَاهُ، فَاشْتَغَلَ بِالسُّجُودِ وَتَرْتِيبِ نَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ وَاجِبَهُ الْمُتَابَعَةُ، وَلَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ إِنْ أَمْكَنَهُ إِدْرَاكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ. وَإِنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنِ الْمُتَابَعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ، قَوْلَانِ سَبَقَا. فَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ، لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُ. وَفِي صِحَّةِ ظُهْرِهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ إِذَا تَعَذَّرَ إِتْمَامُهَا، هَلْ يَجُوزُ إِتْمَامُهَا ظُهْرًا؟ وَعَلَى أَنَّ الظُّهْرَ هَلْ تَصِحُّ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ؟ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، فَمَا أَتَى بِهِ مِنَ السُّجُودِ، لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. ثُمَّ إِنْ فَرَغَ وَالْإِمَامُ بَعْدُ فِي الرُّكُوعِ، لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ. فَإِنْ تَابَعَهُ وَرَكَعَ مَعَهُ، فَالتَّفْرِيعُ كَمَا سَبَقَ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ مَعَهُ، أَوْ كَانَ الْإِمَامُ فَرَغَ مِنَ الرُّكُوعِ، نَظَرَ، إِنْ رَاعَى تَرْتِيبَ نَفْسِهِ، بِأَنْ قَامَ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ، وَقَرَأَ، وَرَكَعَ، وَسَجَدَ، فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا يَأْتِي بِهِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَابَعَةِ. وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِتَمَامِ الرَّكْعَةِ، وَلَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، لِأَنَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ، نَأْمُرُهُ بِالْمُتَابَعَةِ بِكُلِّ حَالٍ. وَكَمَا لَا يُحْسَبُ لَهُ السُّجُودُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، لِكَوْنِ فَرْضِهِ الْمُتَابَعَةَ، وَجَبَ أَنْ لَا يُحْسَبَ وَالْإِمَامُ فِي رُكْنٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَّالِيُّ: إِذَا فَعَلَ هَذَا الْمَذْكُورَ، تَمَّ لَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا رَكْعَةٌ، لَكِنْ فِيهَا نُقْصَانَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّلْفِيقُ، فَإِنَّ رُكُوعَهَا مِنَ الْأُولَى، وَسُجُودَهَا مِنَ

الصفحة 20