كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 2)

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الصَّلَاةِ. وَحُكِيَ فِي (النِّهَايَةِ) عَنْ كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: مَا يُوهِمُ أَنَّهُمَا لَا يَتَعَيَّنَانِ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ وَجْهًا مَجْزُومًا بِهِ.
الثَّالِثُ: الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ؟ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: لَا يَتَعَيَّنُ.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِالدُّنْيَا وَزَخَارِفِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَوَاصَى بِهِ مُنْكِرُو الشَّرَائِعِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَنْعِ مِنَ الْمَعَاصِي. وَلَا يَجِبُ فِي الْمَوْعِظَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ، بَلْ لَوْ قَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ كَفَى، وَأَبْدَى الْإِمَامُ فِيهِ احْتِمَالًا، وَلَا تَرَدُّدَ فِي أَنَّ كَلِمَتَيِ الْحَمْدِ، وَالصَّلَاةِ، كَافِيَتَانِ.
وَلَوْ قَالَ: وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ عَلَى النَّبِيِّ، أَوْ رَسُولِ اللَّهِ، كَفَى. وَلَوْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلرَّحْمَنِ، أَوِ الرَّحِيمِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَّالِيِّ: أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ، وَلَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا، وَلَيْسَ هُوَ بِبَعِيدٍ كَمَا فِي كَلِمَةِ التَّكْبِيرِ. ثُمَّ هَذِهِ الْأَرْكَانُ الثَّلَاثَةُ، لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ.
وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِحْدَاهُمَا كَافِيَةٌ، وَهُوَ شَاذٌّ.
الرَّابِعُ: الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ رُكْنٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ، وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ فِي (الْإِمْلَاءِ) . وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ، فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالثَّانِيَةِ. فَلَوْ دَعَا فِي الْأُولَى لَمْ يُحْسَبْ، وَيَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَأَرَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الْآخِرَةِ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَخْصِيصِهِ بِالسَّامِعِينَ، بِأَنْ يَقُولَ: رَحِمَكُمُ اللَّهُ.
الْخَامِسُ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ. وَهِيَ رُكْنٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ: عَلَى الصَّحِيحِ. وَالثَّانِي: لَيْسَتْ بِرُكْنٍ، بَلْ مُسْتَحَبَّةٌ. فَعَلَى الْأَوَّلِ أَقَلُّهَا آيَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، سَوَاءٌ كَانَتْ وَعْدًا، أَوْ وَعِيدًا، أَوْ حُكْمًا، أَوْ قِصَّةً.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: (ثُمَّ نَظَرَ) [الْمُدَّثِّرِ: 21] لَمْ يَكْفِ، وَإِنْ عُدَّ آيَةً، بَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مُفْهِمَةً. وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي (الْأُمِّ) : تَجِبُ فِي إِحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا. وَالثَّانِي: تَجِبُ فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ: تَجِبُ فِي الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي (الْمُخْتَصَرِ) : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْخُطْبَةِ سُورَةَ (ق) .

الصفحة 25