كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 2)

الرَّابِعُ: الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا، وَتَجِبُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ، فَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ، لَمْ يَضْطَجِعْ بَيْنَهُمَا لِلْفَصْلِ، بَلْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ، وَالسَّكْتَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّ الْقَائِمَ أَيْضًا يَكْفِيهِ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ.
الْخَامِسُ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْخُطْبَةِ الطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ؟ قَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: اشْتِرَاطُ كُلِّ ذَلِكَ. ثُمَّ قِيلَ: الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا بَدَلٌ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، أَمْ لَا؟ وَقِيلَ: عَلَى أَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي الْخُطْبَةِ شَرْطٌ، أَمْ لَا؟ فَإِنْ شَرَطْنَا الْمُوَالَاةَ، شَرَطْنَا الطَّهَارَةَ، وَإِلَّا فَلَا. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) : يَطَّرِدُ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ عَنِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْجَنَابَةِ، وَخَصَّهُ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، قَالَ: فَأَمَّا الْجُنُبُ، فَلَا تُحْسَبُ خُطْبَتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ شَرْطٌ، وَلَا تُحْسَبُ قِرَاءَةُ الْجُنُبِ، وَهَذَا أَوْضَحُ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ، أَوِ الصَّوَابُ، قَوْلُ صَاحِبِ (التَّتِمَّةِ) وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي (الْمُحَرَّرِ) وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَآخَرُونَ: بِأَنَّهُ لَوْ بَانَ لَهُمْ بَعْدَ فَرَاغِ الْجُمُعَةِ أَنَّ إِمَامَهُمْ كَانَ جُنُبًا، أَجْزَأَتْهُمْ. وَنَقَلُهُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالْأَصْحَابُ عَنْ نَصِّهِ فِي (الْأُمِّ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ إِذَا شَرَطْنَا الطَّهَارَةَ، فَسَبَقَهُ حَدَثٌ فِي الْخُطْبَةِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا يَأْتِي بِهِ فِي حَالِ الْحَدَثِ. وَفِي بِنَاءِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَبَقَ. فَلَوْ تَطَهَّرَ وَعَادَ، وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَشَرَطْنَا الْمُوَالَاةَ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ، أَوْ لَمْ نَشْرُطِ الْمُوَالَاةَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الِاسْتِئْنَافُ.
السَّادِسُ: رَفْعُ الصَّوْتِ، فَلَوْ خَطَبَ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ غَيْرَهُ، لَمْ تُحْسَبْ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ. وَفِي وَجْهٍ: تُحْسَبُ وَهُوَ غَلَطٌ. فَعَلَى الصَّحِيحِ، الشَّرْطُ أَنْ يُسْمِعَ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ. فَلَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ قَدْرَ مَا يَبْلُغُ، وَلَكِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ

الصفحة 27