كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 2)

إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ حَضَرَ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَلَهُ الِانْصِرَافُ، وَإِنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَقَامَتِ الصَّلَاةُ، لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ. فَإِنْ كَانَ يَتَخَلَّلُ زَمَنٌ بَيْنَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَالصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ مَزِيدُ مَشَقَّةٍ فِي الِانْتِظَارِ، لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ حَسَنٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُطْلِقِينَ مُنَزَّلًا عَلَيْهِ. وَأَلْحَقُوا بِالْمَرْضَى أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ الْمُلْحَقَةِ بِالْمَرَضِ، وَقَالُوا: إِذَا حَضَرُوا، لَزِمَتْهُمُ الْجُمُعَةُ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَزِدْ ضَرَرُ الْمَعْذُورِ بِالصَّبْرِ إِلَى إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ، فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَّهُ الِانْصِرَافُ وَإِقَامَةُ الظُّهْرِ فِي مَنْزِلِهِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَشْرَعُوا فِي الْجُمُعَةِ، فَإِنْ أَحْرَمَ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُمُ الْجُمُعَةُ بِالْجُمُعَةِ، ثُمَّ أَرَادُوا الِانْصِرَافَ، قَالَ فِي (الْبَيَانِ) : لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ، وَفِي الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الصَّيْمَرِيُّ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا، لِأَنَّ صَلَاتَهُمَا انْعَقَدَتْ عَنْ فَرْضِهِمَا، فَيَتَعَيَّنُ إِتْمَامُهَا. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ، لَزِمَهُ إِتْمَامُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ، فَهُنَا أَوْلَى. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ
كُلُّ مَا أَمْكَنَ تَصَوُّرُهُ فِي الْجُمُعَةِ مِنَ الْأَعْذَارِ الْمُرَخَّصَةِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، يُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا الْوَحْلُ الشَّدِيدُ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. الصَّحِيحُ: أَنَّهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَالثَّانِي: لَا. وَالثَّالِثُ: فِي الْجَمَاعَةِ دُونَ الْجُمُعَةِ. حَكَاهُ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) وَقَالَ: بِهِ أَفْتَى أَئِمَّةُ طَبَرِسْتَانَ. أَمَّا التَّمْرِيضُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَرِيضِ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ، وَيَقُومُ بِأَمْرِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْمَوْتِ،

الصفحة 35