كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 2)
وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ نِيَّةِ الظُّهْرِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُخَرَّجِ، فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، أَمْ تَنْقَلِبُ نَفْلًا؟ قَوْلَانِ مَذْكُورَانِ فِي نَظَائِرِهِ، تَقَدَّمَا فِي أَوَّلِ «صِفَةِ الصَّلَاةِ» وَلَوْ شَكَّ هَلْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؟ أَتَمَّهَا جُمُعَةً عَلَى الصَّحِيحِ، وَظُهْرًا عَلَى الثَّانِي. وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ الَّذِي أَدْرَكَ رَكْعَةً لِيَأْتِيَ بِالثَّانِيَةِ، فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ، أَتَمَّهَا ظُهْرًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَجُمُعَةً عَلَى الثَّانِي. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى فِي الْوَقْتِ، وَالثَّانِيَةَ خَارِجَهُ، صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ الْأُولَى خَارِجَ الْوَقْتِ، فَاتَتْ جُمُعَةُ الْجَمِيعِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَبَعْضُ الْمَأْمُومِينَ الْأُولَى فِي الْوَقْتِ، وَسَلَّمَهَا بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ خَارِجَهُ، فَمَنْ سَلَّمَهَا خَارِجَهُ، فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاتِهِمْ. وَأَمَّا الْإِمَامُ وَمَنْ سَلَّمَ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ، فَإِنْ بَلَغُوا عَدَدًا تَصِحُّ بِهِمُ الْجُمُعَةُ، صَحَّتْ لَهُمْ، وَإِلَّا فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَسْأَلَةِ الِانْفِضَاضِ. ثُمَّ سَلَامُهُ وَسَلَامُهُمْ خَارِجَ الْوَقْتِ، إِنْ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ، تَعَذَّرَ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَيْهِ قَطْعًا، لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنْ يُغَيِّرُوا النِّيَّةَ إِلَى النَّفْلِ وَيُسَلِّمُوا، فَفِيهِ مَا سَبَقَ. وَإِنْ كَانَ عَنْ جَهْلٍ مِنْهُ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. وَهَلْ يَبْنِي، أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: دَارُ الْإِقَامَةِ، فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ دَارُ الْإِقَامَةِ، وَهِيَ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي يَسْتَوْطِنُهَا الْعَدَدُ الَّذِينَ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، سَوَاءٌ فِيهِ الْبِلَادُ، وَالْقُرَى، وَالْأَسْرَابُ الَّتِي يَتَّخِذُهَا وَطَنًا، وَسَوَاءٌ فِيهِ الْبِنَاءُ مِنْ حَجَرٍ، أَوْ طِينٍ، أَوْ خَشَبٍ. وَأَمَّا أَهْلُ الْخِيَامِ النَّازِلُونَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَيَتَنَقَّلُونَ فِي الشِّتَاءِ وَغَيْرِهِ، فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فِيهَا، فَإِنْ كَانُوا لَا يُفَارِقُونَهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا، فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. وَالثَّانِي: تَصِحُّ وَتَجِبُ. وَلَوِ انْهَدَمَتْ أَبْنِيَةُ الْقَرْيَةِ، أَوِ الْبَلَدِ، فَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى الْعِمَارَةِ، لَزِمَهُمُ الْجُمُعَةُ فِيهَا، سَوَاءٌ كَانُوا فِي مَظَالٍّ، أَوْ غَيْرِهَا، لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِيطَانِ. وَلَا يُشْتَرَطُ إِقَامَتُهَا فِي مَسْجِدٍ، وَلَا فِي كُنٍّ، بَلْ يَجُوزُ فِي فَضَاءٍ مَعْدُودٍ مِنْ خِطَّةِ الْبَلَدِ، فَأَمَّا الْمَوْضِعُ الْخَارِجُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ الْخَارِجُ لِلسَّفَرِ قَصَرَ، فَلَا يَجُوزُ إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ.
الصفحة 4
429