كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 2)

بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا. وَنَقَلَهُ صَاحِبُ (الشَّامِلِ) عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ. وَقُلْنَا: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، فَعَلَيْهِمْ سُجُودُ السَّهْوِ. وَقَالَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) : لَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ، لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَالَ: وَهَلْ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: إِذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ تَصِحُّ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا، فَقَدِ انْتَظَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَيَكُونُ كَمَنْ قَنَتَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. قَالَ: وَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ، فَعَلَى التَّفْصِيلِ فِيمَا إِذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ شَاذٌّ، وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي بَلَدٍ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، فَالْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا عَلَى هَيْئَةِ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَقِيلَ: فِي جَوَازِهَا قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. ثُمَّ لِلْجَوَازِ شَرْطَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْطُبَ بِجَمِيعِهِمْ، ثُمَّ يُفَرِّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، أَوْ يَخْطُبَ بِفِرْقَةٍ، وَيَجْعَلَ مِنْهَا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفِرْقَتَيْنِ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا. فَأَمَّا لَوْ خَطَبَ بِفِرْقَةٍ وَصَلَّى بِأُخْرَى، فَلَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْفِرْقَةُ الْأُولَى أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا، فَلَوْ نَقَصَتْ عَنِ الْأَرْبَعِينَ، لَمْ تَنْعَقِدِ الْجُمُعَةُ. وَلَوْ نَقَصَتِ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَرْبَعِينَ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَضُرُّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَالْخِلَافِ فِي الِانْفِضَاضِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: لَا يَضُرُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَنْدَنِيجِيُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
أَمَّا لَوْ خَطَبَ بِهِمْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ عُسْفَانَ، فَهِيَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. وَلَا تَجُوزُ كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، إِذْ لَا تُقَامُ جُمُعَةٌ بَعْدَ جُمُعَةٍ.

الصفحة 57