هو الثناء الذى سمعت به … لا سبد مخلدى ولا لبد (¬1)
ويحك لولا الخمور لم أحفل ال … عيش ولا أن يضمّنى لحد (¬2)
هى الحيا والحياة واللهو لا … أنت ولا ثروة ولا ولد
ويقف السرادق الذّهلى هذا الموقف نفسه من ابنته، فيعلن أنه لن يكف عنها، إذ صارت له غذاء لا يستطيع الصبر عنه (¬3). ويلقانا فى عهد زياد بن أبيه حارثة (¬4) بن بدر أحد عماله وخلصائه ومدّاحه، كلفا بها كلفا شديدا، وله فيها أشعار كثيرة رواها أبو الفرج فى ترجمته يجاهر فيها بأنه لن يكفّ عنها، مهما أكثر لائموه، على شاكلة قوله:
يعيب علىّ الرّاح من لو يذوقها … لجنّ بها حتى يغيّب فى القبر
علام تذمّ الراح والراح كاسمها … تريح الفتى من همّه آخر الدهر
فلمنى فإنّ اللوم فيها يزيدنى … غراما بها إن الملامة قد تغرى
وكان يذهب مذهبه فى الإدمان عليها مالك بن أسماء صهر الحجاج الثقفى وواليه على أصبهان، وله فيها أشعار ساقها أبو الفرج فى ترجمته (¬5). ولعل عراقيّا لم يشتهر بها كما اشتهر الأقيشر (¬6) الأسدى وكان كوفيّا خليعا ماجنا، وفيها يقول:
أفنى تلادى وما جمّعت من نشب … قرع القواقيز أفواه الأباريق (¬7)
ويقول:
كميت إذا فضّت وفى الكأس وردة … لها فى عظام الشاربين دبيب
¬_________
(¬1) لا سبد ولا لبد: مثل أى لا قليل ولا كثير.
(¬2) اللحد: شق للميت فى جانب القبر.
(¬3) الشعر والشعراء 2/ 670.
(¬4) انظر ترجمته فى الأغانى (طبع الساسى) 21/ 13 وأمالى المرتضى 1/ 380 وما بعدها وراجع فهارس الكامل للمبرد والبيان والتبيين والطبرى.
(¬5) انظر ترجمته فى الأغانى (ساسى) 16/ 40 والخزانة 2/ 485 ومعجم الشعراء ص 266 والموشح ص 220 والشعر والشعراء 2/ 756.
(¬6) انظر فى ترجمة الأقيشر أغانى (دار الكتب) 11/ 251 والشعر والشعراء 2/ 541 ومعجم الشعراء ص 273 والخزانة 2/ 279 والموشح ص 221.
(¬7) التلاد: المال القديم. النشب: الغقار والضياع. القواقيز: الكئوس وأوانى الخمر التى تشرب فيها.