كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 2)

أثبت لابن الزّبعرى قصيدته التى قالها فى نفس اليوم (¬1)، والتى يقول فيها:
ليت أشياخى ببدر شهدوا … ضجر الخزرج من وقع الأسل (¬2)
حين ألقت بقباء بركها … واستحرّ القتل فى عبد الأشلّ (¬3)
فقبلنا النّصف من سادتهم … وعدلنا ميل بدر فاعتدل (¬4)
وأيضا فإنه أثبت لأبى عزّة ميمية يحرّض فيها بنى كنانة (¬5)، وقال عن هبيرة بن أبى وهب: إنه كان شديد العداوة لله ولرسوله، وهو الذى يقول فى يوم أحد (¬6):
قدنا كنانة من أكناف ذى يمن … عرض البلاد على ما كان يزجيها (¬7)
قالت كنانة: أنّى تذهبون بنا … قلنا: النّخيل، فأمّوها وما فيها (¬8)
وكان فى الطرف المقابل حسان وكعب وابن رواحة، وحسان أشعر الثلاثة، يقول ابن سلام: «وهو كثير الشعر جيده»، ويقال إن أول ما جرى به لسانه حين سلّه على قريش هذه الأبيات يتحدّى بها أبا سفيان بن الحارث (¬9):
هجوت محمدا فأجبت عنه … وعند الله فى ذاك الجزاء
فإن أبى ووالده وعرضى … لعرض محمد منكم وقاء
أتهجوه ولست له بكفء … فشرّكما لخيركما الفداء
¬_________
(¬1) ابن سلام ص 198 وما بعدها.
(¬2) أشياخه ببدر: من قتلوا بها من مشركى قريش. الأسل: الرماح.
(¬3) قباء: موضع بضواحى المدينة. ألقت الحرب بركها: حمى وطيسها. استحر القتل: اشتد وكثر.
(¬4) قبلنا النصف: انتصفنا بمن قتلناه منهم لقتلى بدر.
(¬5) ابن سلام ص 213.
(¬6) ابن سلام ص 215.
(¬7) الأكناف: النواحى. ذو يمن: موضع قريب من مكة. يزجى: يسوق ويدفع.
(¬8) يريد بالنخيل المدينة لكثرته فيها. أموها: قصدوها.
(¬9) أغانى 4/ 139 والاستيعاب لابن عبد البر ص 129.

الصفحة 48