كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 2)

ويقول ابن سلام: «وكعب شاعر مجيد، قال يوم أحد فى كلمة:
فجئنا إلى موج من البحر وسطه … أحابيش منهم حاسر ومقنّع (¬1)
ثلاثة آلاف ونحن نصيّة … ثلاث مئين إن كثرنا وأربع (¬2)
فراحوا سراعا موجفين كأنهم … جهام هراقت ماءه الرّيح مقلع (¬3)
ورحنا وأخرانا بطاء كأننا … أسود على لحم ببيشة ظلّع (¬4)
وقال فى أيام الخندق:
من سرّه ضرب يرعبل بعضه … بعضا كمعمعة الأباء المحرق (¬5)
فليأت مأسدة تسلّ سيوفها … بين المذاد وبين جزع الخندق (¬6)
ووقف ابن سلام عند ابن رواحة وتحدث عن حسن إسلامه وأنه كان أحد الأمراء الثلاثة الذين قتلوا يوم مؤتة وأثبت له من هجائه لقريش قوله (¬7):
نجالد الناس عن عرض فنأسرهم … فينا النبىّ وفينا تنزل السّور (¬8)
وقد علمتم بأنا ليس غالبنا … حىّ من الناس إن عزّوا وإن كثروا
يا هاشم الخير إن الله فضّلكم … على البريّة فضلا ماله غير (¬9)
فثبّت الله ما آتاك من حسن … تثبيت موسى ونصرا كالذى نصروا (¬10)
¬_________
(¬1) أحابيش قريش: حلف منهم تحالفوا عند جبل يسمى حبشيا. الحاسر: الذى لا بيضة له عكس المقنع.
(¬2) النصية: الخيار والأشراف.
(¬3) موجفين: مسرعين. الجهام: السحاب أفرغ ماءه.
(¬4) بيشة: مسبعة فى واد كثير الشجر. ظلع: من الظلع وهو العرج. يكنى بذلك عن سيرهم البطئ المطمئن.
(¬5) يرعبل: يمزق. المعمعة: صوت لهب النار فى القصب. الأباء: أجمة القصب. يصف أصوات المعركة.
(¬6) أرض مأسدة: كثيرة الأسود. المذاد: موضع بالمدينة. جزع الخندق: منعطفه.
(¬7) ابن سلام ص 188.
(¬8) عن عرض: عن ناحية، يريد أنهم لا يبالون من يضربون.
(¬9) غير: تغيير.
(¬10) يقصد الرسل.

الصفحة 49