كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 2)

ومنهم بشر بن ربيعة الخثعمى، وله يصور بلاءه وبلاء قومه فى مواقع القادسية (¬1):
تذكّر-هداك الله-وقع سيوفنا … بباب قديس والمكرّ عسير (¬2)
عشيّة ودّ القوم لو أن بعضهم … يعار جناحى طائر فيطير
إذا ما فرغنا من قراع كتيبة … دلفنا لأخرى كالجبال تسير (¬3)
ترى القوم فيها واجمين كأنهم … جمال بأحمال لهنّ زفير (¬4)
وممن له بلاء حسن فى القادسية قيس بن المكشوح المرادى ابن أخت عمرو بن معديكرب، وهو الذى قتل رستم قائد الفرس فى تلك المعارك، وله يصور ذلك (¬5):
جلبت الخيل من صنعاء تردى … بكل مدجّج كالليث سامى (¬6)
إلى وادى القرى فديار كلب … إلى اليرموك فالبلد الشآمى
وجئن القادسيّة بعد شهر … مسوّمة، دوابرها دوامى (¬7)
فناهضنا هنالك جمع كسرى … وأبناء المرازبة الكرام (¬8)
فلما أن رأيت الخيل جالت … قصدت لموقف الملك الهمام
فأضرب رأسه فهوى صريعا … بسيف لا أفلّ ولا كهام (¬9)
وقد أبلى الإله هناك خيرا … وفعل الخير عند الله نامى
وممن حضر القادسية الأسود بن قطبة، وله فيها أشعار كثيرة (¬10)، وعمرو بن
¬_________
(¬1) أغانى (طبعة دار الكتب) 15/ 243.
(¬2) قديس: يريد القادسية أو موضع بجانبها.
(¬3) دلفنا: تقدمنا.
(¬4) واجم: من الوجوم وهو السكوت مع كظم الغيظ.
(¬5) فتوح البلدان للبلاذرى (طبع المطبعة المصرية بالأزهر) ص 261.
(¬6) تردى الخيل: ترجم الأرض بحوافرها.
(¬7) مسومة: معلمة. الدوابر: العراقيب. دوامى: ملطخة بالدم.
(¬8) المرازبة: رؤساء الفرس.
(¬9) أفل: مثلم. كهام: كليل لا يقطع.
(¬10) الإصابة 1/ 108.

الصفحة 63