كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 2)

واعصوا الذى يزجى النّمائم بينكم … متنصّحا ذاك السّمام المنقع (¬1)
يزجى عقاربه ليبعث بينكم … حربا كما بعث العروق الأخدع (¬2)
وهو القائل فى رثاء قيس بن عاصم (¬3):
عليك سلام الله قيس بن عاصم … ورحمته ما شاء أن يترحّما
فلم يك قيس هلكه هلك واحد … ولكنه بنيان قوم تهدّما
وواضح ما فى البيت الأول من روح إسلامية. وارجع إلى سويد (¬4) بن أبى كاهل اليشكرى فسترى المفضل الضبى يروى له قصيدة (¬5) يفخر فيها فخرا جديدا، لا عهد لنا به من قبل، فخرا إسلاميّا يذكر فيه ربّه وما أنعم به عليهم من نعم، يقول:
كتب الرحمن والحمد له … سعة الأخلاق فينا والضّلع (¬6)
وإباء للدنيّات إذا … أعطى المكثور ضيما فكنع (¬7)
وبناء للمعالى إنما … يرفع الله ومن شاء وضع
نعم لله فينا ربّها … وصنيع الله، والله صنع (¬8)
ويمضى فيعرض لخصم دنئ النفس كان يغتابه، ونراه يصفه وصفا يستلهم فيه الآية الكريمة {(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ)} يقول:
¬_________
(¬1) يزجى: يدفع ويسوق. السمام: السم. المنقع: القاتل.
(¬2) الأخدع: عرق فى العنق إذا ضرب أجابته العروق.
(¬3) الشعر والشعراء 2/ 705.
(¬4) انظر ترجمته فى الشعر والشعراء 1/ 384 والأغانى (طبعة دار الكتب) 13/ 102 وابن سلام ص 28 والإصابة 3/ 172 والخزانة 2/ 546 وحديث الأربعاء لطه حسين (طبعة الحلبى) 1/ 190.
(¬5) المفضليات ص 190.
(¬6) الضلع: الاضطلاع بالأمر.
(¬7) المكثور: المغلوب. كنع: خضع.
(¬8) ربها: أتمها. صنع: صفة، لا فعل، أى قادر على أن يصنع.

الصفحة 70