كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 2)

وقلت خلّوا طريقى-لا أبا لكم- … فكلّ ما قدّر الرحمن مفعول
كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته … يوما على آلة حدباء محمول
أنبئت أنّ رسول الله أوعدنى … والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا هداك الذى أعطاك نافلة ال‍ … قرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذنّى بأقوال الوشاة ولم … أذنب ولو كثرت عنى الأقاويل
إن الرسول لنور يستضاء به … مهنّد من سيوف الله مسلول (¬1)
فى عصبة من قريش قال قائلهم … ببطن مكة لما أسلموا زولوا (¬2)
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف … عند الّلقاء ولا ميل معازيل (¬3)
ومضى يمدح المهاجرين حتى قال:
يمشون مشى الجمال الزّهر يعصمهم … ضرب إذا عرّد السّود التنابيل (¬4)
يعرّض بالأنصار لغلظتهم-كانت عليه-فأنكرت قريش ما قال، وقالوا لم تمدحنا إذ هجوتهم. ولم يقبلوا منه ذلك حتى قال يذكر الأنصار:
من سرّه كرم الحياة فلا يزل … فى مقنب من صالحى الأنصار (¬5)
الباذلين نفوسهم لنبيّهم … يوم الهياج وسطوة الجبّار
يتطهّرون-كأنه نسك لهم- … بدماء من علقوا من الكفّار (¬6)
صدموا عليّا يوم بدر صدمة … دانت لوقعتها جميع نزار (¬7)
¬_________
(¬1) المهند: السيف المطبوع من حديد الهند وهو خير السيوف.
(¬2) زولوا: هاجروا.
(¬3) أنكاس: جمع نكس وهو الضعيف. الذليل. كشف: جمع أكشف وهو الذى ينكشف فى القتال وينهزم. ميل: جمع أميل وهو الجبان. معازيل: جمع معزال: وهو الذى ينعزل فى الحرب عن صحبه ومن يستغيث به.
(¬4) الزهر: البيض. عرد: نكل وجبن. التنابيل: القصار.
(¬5) المقنب: جماعة الخيل والفرسان.
(¬6) علقوا: قتلوا.
(¬7) يريد بعلى بنى على بن مسعود وهم بنو كنانة.

الصفحة 86