كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 2)

وجاء في (البرهان): "إن كل ظن يتصل بعد (أنْ) الخفيفة فهو شك كقوله {إن ظنا أن يقيما حدود الله} [البقرة: 230]، وقوله: {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول} [الفتح: 12]، وكل ظن يتصل بعد (أنّ) المشددة فالمراد به اليقين كقوله: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} [الحاقة: 20]، {ظن أنه الفراق} [القيامة: 28].
والمعنى فيه: إن المشددة للتأكيد فدخلت على اليقين، وإن الخفيفة بخلافها فدخلت في الشك، مثال الأول، قوله سبحانه وتعالى: {وعلم أن فيكم ضعفا} [الأنفال: 66]، ذكره بـ (أنّ) وقوله: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} [محمد: 19].
ومثال الثاني: {وحسبوا أن لا تكون فتنة} [التوبة: 71]، والحسبان الشك فإن قيل: يرد على هذا الضابط قوله: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة: 118]، قيل لأنها اتصلت بالفعل (¬1) ".
وعند النحاة أنها للظن في الظاهر مع احتمال اليقين في بعض المواضع (¬2)، وجاء في (شرح المفصل) لابن يعيش: "وقد يقوي الراجح في نظر المتكلم فيذهب بها مذهب اليقين، فتجري مجرى علمت، فتقتضي مفعولين أيضا من ذلك قوله تعالى: {ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} [الكهف: 53]، فالظن ههنا يقين، لأن ذلك الحين ليس حين شك، ومنه قول الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد
والمراد اعملوا ذلك وتيقنوه لأنه إخراجه مخرج الوعيد ولا يحصل ذلك إلا مع اليقين (¬3) ".
¬__________
(¬1) البرهان 4/ 156 - 157، وفي الاتقان 1/ 164، وأجيب بأنها هنا اتصلت بالاسم وهو ملجأ، وفي الأمثلة السابقة اتصلت بالفعل، ذكره في البرهان، وهو أصح من نص البرهان المذكور.
(¬2) الرضي 1/ 248، أسرار العربية 156
(¬3) ابن يعيش 7/ 81

الصفحة 20