كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 2)

ومن ذلك تذكير وتأنيث (البينة) فقد استعملها مذكرة، كما استعملها مؤنثة قال تعالى: {وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه اولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} [طه: 133].
وقال: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون، أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين. أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة} [الأنعام: 155 - 157].
فقد أنث البينة في آية طه، لأنها بمعناها، أو هي بمعنى الآية والعلامة.
وذكر الثانية لأنها بمعنى الكتاب، والكتاب مذكر ألا ترى إلى السياق: وهذا كتاب.
إلى أن يقول: {أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم} أي جاءكم ما كنتم تتمنون وتطلبون، وهو الكتاب.
ونحوه تذكير وتأنيث (البينات) فقد أنثها حيث كانت بمعنى العلامات الدالة على النبوات قال تعالى: {ياأيها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم، هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر وإلى الله ترجع الأمور، سل بني اسرائيل كم آتيناهم من آية بينة} [البقرة: 208 - 211]، أنث البينات لأنها بمعنى الآيات أي العلامات المظهرة للنبوات والدلائل إلا ترى بعدها قوله (هل ينظرون إلا .. ) وقوله (سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة) فأنث لأنها بمعنى العلامات الدالة على النبوات.
وقال: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات} [البقرة: 253].
والبينات هنا أيضا بمعنى المعجزات، والآيات الدالة على النبوات، الا ترى إلى قوله تعالى: {وآتينا عيسى ابن مريم البينات وآيدناه بروح القدس}.

الصفحة 66