كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 2)

ففي هذه المواطن حذف الفاعل، لأنه لا يتعلق بذكره غرض.
جاء في (التصريح): " أو لغرض معنوي - أي يحذف الفاعل - كأن لا يتعلق بذكره غرض أي قصد، نحو (فإن احصرتم) (وإذا حييتم) {إذا قيل لكم تفسحوا} [المجادلة: 11]، إذ ليس الغرض من هذه الأفعال إسنادها إلى فاعل مخصوص، بل إلى أي فاعل كان" (¬1).
وقد يحذف للخوف منه كأن تقول (هدم البناء)، وأنت تعلم الفاعل، فلا تذكره خوفا من أن ينالك بأذى، ومثله (كسر الباب)، و (سرق الكتاب).
أو للخوف عليه، فتستر ذكره، لئلا يناله أذى، نحو قولك (قتل خالد)، ولم تذكر فاعله خوفا من أن يؤخذ بقولك.
أو تقصد إبهامه، فلا يريد المتكلم إظهاره، كقولك (تصدق على مسكين) و (أهين متكبر) فلا تريد إظهار الفاعل بقصد التواضع مثلا، أو لغرض آخر، أو للتحقير كقولك (عمل الكنيف وكنس السوق).
أو للتعظيم نحو (خلق الخنزير، ) فتستر ذكره بجنب ذكر الخنزير تعظيما له (¬2) وكقوله تعالى: {وقيل يا أرض ابلغي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر} [هود: 44]، فإن في ستره تعظيما للفاعل الذي يأمر السماء والأرض من وراء حجاب فيطاع.
والتعظيم قد يكون بذكر الفاعل، وقد يكون بتركه، فمما يكون بذكر الفاعل نحو قوله تعالى: {أتريدون أن تهدوا من أضل الله} [النساء: 88]، فإنه لا يحسن هنا حذف الفاعل فإنه لو قال: (أتريدون أن تهدوا من أضل) بالبناء للمجهول لكان من الممكن أن يقال: نعم: فإن مهمة الأنبياء والرسل والمصلحين هداية الضال، ولكن لما قيل {أتريدون أن تهدوا من أضل} علم أن المقصود أن هؤلاء باقون على ضلالهم، وأنه لا يقدر أحد أن
¬__________
(¬1) التصريح 1/ 286
(¬2) انظر حاشية الخضري 1/ 167، الأشموني 2/ 61، حاشية الصبان 2/ 61، الهمع 1/ 161، ابن الناظم 93، ابن يعيش 7/ 69

الصفحة 72