كتاب خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية (اسم الجزء: 2)

ولهذه الاعتبارات وَحَّد النور في القرآن تبعاً دوحدة مصدره.
وهو " الله " نور السموات والأرض.
أما الكفر والجهل والضلال فقد تعددت أسبابها ومصادرها.
فالشيطان ضال مضل. والأصنام والأوثان مضلة. والأهواء مضلة، وأصدقاء السوء ضالون مضلون. . ولهذا تعددت الظلمات تبعاً لتعدد مصادرها. . والله أعلم.
* *
* خصائص المجاز القرآني:
أولاً: أن المجاز في القرآن بأنواعه المختلفة. سواء أكان لغوياً أو حكمياً،
واللغوي سواء أكان استعارياً أو مرسلاً، يؤدى وظيفة جليلة الخطر في البيان
القرآني من التوسع في ضروب التعبير. واستخدام المادة الواحدة سواء اختلفت مشتقاتها أو اتحدت في البنية في معان شتى وأغراض مختلفة.
لم يكن لها هذا الاتساع لولا فن المجاز.
ثانياً: أن المجاز في القرآن يختار الكلمات الوافية بحق المعنى والمصورة
تصويراً حسياً للمعاني كاستعارة " الطيبات " للحلال ترغيباً فيه وحثاً عليه،
واستعارة " الخبائث " للمحرم تنفيراً عنه وتزهيداً فيه.
ثالثاً: قد رأينا التفرقة العجيبة بين مشتقات المادة الواحدة. كمادة " مرض "
فقد اختص القرآن صورها الفعلية بالمجاز إلا في موضع واحد جاءت فيه المادة
فعلا مراداً به المعنى اللغوي. وهو قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: (وَإذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفين) . . وما عدا ذلك فمجاز مستعمل في مقام
الذم.
فإذا استعملت اسماً أو صفة. . فلا تجوز فيها حينئذ، مثل:
(وَلا عَلى المريضِ حَرَجٌ) ، ومثل: (أوْ كُنتُم مَرْضَى)
وتستعمل هنا فى مقامَ التشريع.

الصفحة 397