كتاب خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية (اسم الجزء: 2)
فـ " استوى " له معنيان، قريب هو الاستقرار، وهو غير مراد، ولم يقرن
بما يلائمه.
ومعناه البعيد المراد هو الاستيلاء، والقرينة استحالة الاستقرار الحسي فى
جانب الله.
والمرشحة هي التي قرنت بما يلائم المورى به ومثاله من القرآن الكريم:
(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) .
فقد أراد ب " الأيدي " المعنى البعيد الذي هو القدرة، وقد قرن بها ما يلائم المعنى القريب الذي هو الجارحة المخصوصة، وهو " بنيناها " لأن البناء يكون باليد، والذي يبدو أن الآية من قبيل الاستعارة التمثيلية وإذ معناها يرجع إليها عند التحقيق.
وعلى القول المشهور بأنها تورية فإن القرينة هي استحالة الجارحة في حق الله
سبحانه.
وللتورية - كما يرى السكاكي - دور كبير في توجيه متشابهات القرآن
كقوله تعالى: (أنِ اصْنَع الفُلكَ بِأعْيُنِنَا) .
وقوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) .
وقوله تعالى: (وَلقَدْ خَلقْنَا الإنسَانَ وَنَعْلمُ مَا تُوَسْوسُ به نَفْسُهُ وَنَحْنُ أقْرَبُ إليْه مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ)
وقوله تعالى: (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) .
الصفحة 422
503