كتاب خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية (اسم الجزء: 2)

وقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) .
وهو على تقاربه تجد له قوة وجزالة وأغراضه: إما المدح، وإما التهويل وإما
للاستبعاد كما في قوله تعالى: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ)
. . . إلى غير ذلك من الأغراض التي مرت في مبحثه الخاص.
وهذا التكرار لا يخرج عندهم عما سموه الترديد أو التعطف. أو الجُناس
والمشاكلة. . وقد جاء في الشعر وغيره من كلام الناس فلم يسلم من العيب
إلا فيما قَلَّ.
فمما عيب قول أبى الطيب:
فَقْلقْلتُ بِالسَهْم الذِى قَلقَلَ الحَشَا. . . قَلاَقِل عَيْشٍ كُلهُن قَلاَقِلُ
غَثَاثَةُ عَيْش أن تُغَثُ كرامَتِي. . . وَليْس بِغَثٍ أن تُغَثٌ المآكِلُ
قال ابن سنان معلَقاً عليهما: " فقد اتفق له أن كرر في البيت الأول لفظة
مكررة الحروف فجمع القبح بأسره في صيغة اللفظة نفسها، ثم في إعادتها
وتكرارها، واتبع ذلك بغثاثة في البيت الثاني وتكرار " تغث " فلست تجد
ما يزيد على هذين البيتين في القبح ".
وقال أبو تمام:
قَسَمَ الزَمَانُ رُبُوعَها بين الصَبَا. . . وَقَبُولُهَا وَدَبُورُها أثَلاْثَا
وقد أخطأ أبو تمام في ذكر " القبول " مع " الصبا "، لأن الصبا هي القبول
لذلك عدَّه النقاد غير مفيد.
* *

الصفحة 471