كتاب المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (اسم الجزء: 2)

سورة بني إسرائيل:
بسم الله الرحمن الرحيم
قد ذكرنا ما في ذُرِّيَّة1 وذَرِّيَّة وذِرِّيَّة فما مضى من الكتاب2.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ونصر بن عاصم وجابر بن يزيد3: "لَتُفْسَدُنَّ4"، بضم التاء، وفتح السين. وقرأ: "لَتَفْسُدُنَّ"، بفتح التاء، وضم السين والدال -الفعل لهم- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: إحدى هاتين القراءتين شاهدة للأخرى؛ لأنهم إذا أفسدوا فقد فسدوا.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب "رضي الله عنه": "عَبيدًا لنا5".
قال أبو الفتح: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ 6} ، وقال تعالى: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُون 7} ، وهو كثير. وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ 8} . ومن أبيات الكتاب:
أتُوعِدُني بقومك يابن حَجْل ... أشاباتٍ يُخَالُون العبادا؟
بما جمَّعْتَ من حضَنٍ وعمرو ... وما حضَنٌ وعمرو والحِيادا9؟
__________
1 سورة الإسراء: 3.
2 انظر الصفحة "156" وما بعدها من الجزء الأول.
3 هو جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي أبو عبد الله، ويقال: أبو يزيد الكوفي، روى عن أبي الطفيل وعكرمة وعطاء وجماعة، وروى عنه شعبة والثوري وإسرائيل وغيرهم. وكان متهما بالكذب والقول بالرجعة مات سنة 128، وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب: 2: 46 وما بعدها.
4 سورة الإسراء: 4.
5 سورة الإسراء: 5.
6 سورة الحجر: 42.
7 سورة الزمر: 16.
8 سورة فصلت: 46.
9 الأشابات: الأخلاط. وهو منصوب على الذم، أو مجرور بدلا من "قومك" وحضن وعمرو قبيلتان. الكتاب: 1: 153.

الصفحة 14