كتاب المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (اسم الجزء: 2)
المجلد الثانيسورة الحجر
...
سورة الحجر:
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأ الزهري – بخلاف: "سَكِرَتْ1".
قال أبو الفتح: أي جرت مجرى السكران في عدم تحصيله، فلذلك قال: "سَكِرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ". والسُّكْر عندنا من سَكْر العربة2 ونحوها. وذلك أنه يعترض على الماء، ويسد عليه مذهبه ومتسربه، وكذلك حال السكران في وقوف فكره، والاعتراض عليه بما ينغصه3 ويحيره؛ فلا يجد مذهبا، وينكفئ مضطربا.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء وابن سيرين وقيس بن عبادة4 وقتادة والضحاك ويعقوب وابن شرف ومجاهد وحميد وعمرو بن ميمون5 وعمارة بن أبي حفصة6: "صِرَاطٌ عَلِيٌّ مُسْتَقِيمٌ7"
قال أبو الفتح: "عَلِيٌّ" –هنا- كقولهم: كريم، وشريف. وليس المراد به علو الشخوص والنصبة8.
قال أبو الحسن9 في قراءة الجماعة: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} : هو كقولك:
__________
1 سورة الحجر: 15.
2 السكر: مصدر سكر النهر، كنصر: جعل له سدًّا، والعَرَبة: النهر الشديد الجري.
3 ينغصه: يمنعه أن يتم مراده.
4 ذكره في الإصابة "3: 244"، ونقل أنه لم تصح له صحبة.
5 لعله عمرو بن ميمون بن حماد بن طلحة، أبو عثمان الكوفي القناد السكري. أخذ القراءة عن حمزة، وعرض عليه أحمد بن جبير ورويم بن يزيد. طبقات القراء: 1: 603.
6 هو عمارة بن أبي حفصة الأزدي العتكي مولاهم، أبو روح البصري. روى عن أبي مجلز وأبي عثمان النهدي، وروى عنه شعبة وابن علية، وثقه أحمد. مات سنة 132. واسم أبي حفصة أبيه نابت -بنون في أوله، وقيل: ثاء. تهذيب التهذيب 415، وخلاصة تذهيب الكمال: 137.
7 سورة الحجر: 41
8 النصبة: هيئة نصب الشيء، أي إقامته.
9 في ك: وقال.
