كتاب المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (اسم الجزء: 2)

ياء له أخرى حتى يكون للمتكلم ياءان؟ وهذا محال، وإنما غرضه أن الياء في "عصايِ" مكسور كما أن ميم غلامي مكسورة، وأساء التمثيل على ما ترى.
ومن ذلك قراءة عكرمة، "وَأَهُسُّ"1 بالسين.
وقرأ إبراهيم: "وَأَهِشُّ"، بكسر الهاء، وبالشين.
قال أبو الفتح: أما "أَهِشُّ"، بكسر الهاء، وبالشين معجمة فيحتمل2 أمرين:
أحدهما [99و] : أن يكون: أَمِيل بها على غنمي، إما لسوقها. وإما لتكسير الكلأ لها بها، كقراءة من قرأ: "أهُشُّ" بضم، الشين معجمة، يقال: هشَّ الخبزُ يهشُّ: إذا كان جافا يتكسر لهشاشته.
والآخر أن يكون أراد "أهُشُّ" بضم الهاء، أي أكسر بها الكلأ لها؛ فجاء به على "فَعَلَ يفْعِل" وإن كان مضاعفا ومتعديا. فقد مر بنا نحو ذلك3، منه: هَرَّ الشيءَ يَهِرُّه: إذا كرهه، ومنه قول عنترة:
حَتَّى تَهِرُّوا الْعَوَالِيَا4
أي: تكرهوها، وهو من قول قيس بن ذّرِيح5:
نَهَارِي نَهَارُ الناسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيلُ هَرَّتْنِي إلَيْك الْمَضَاجِعُ6
أي: كرهْتني، فنبَتْ بِي، وهزَّتْنِي بالزاي تصحيفٌ عندهم، ومثله: حَبَّ الشَّيءَ يَحِبُّه
__________
1 سورة طه: 18.
2 في ك: فتحتمل.
3 انظر الصفحة 136 من الجزء الأول.
4 البيت بتمامه:
حَلَفْنَا لَهُم وَالْخَيْلُ تَرْدِي بِنَا مَعًا ... نُزَايِلُكُم حَتَّى تَهِرُّوا الْعَوَالِيَا
تَردِي: تسرع، نزايلكم: لا نزايلكم، وانظر الديوان: 165، واللسان "هو".
5 في ك: قيس ذريح، سقط.
6 رواية الأغاني "8: 125"، طبعة الساسي:
نَهَارِي نَهَارُ الْوَالِهِينَ صَبَابَةً ... وَلَيْلِي تَنْبُو فِيهِ عَنِّي الْمَضَاجِعُ

الصفحة 50