كتاب المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (اسم الجزء: 2)

ومن ذلك قراءة أبي عياض "لِتَرْكَبُوهَا زِينَةً1"؛ بل واو.
قال أبو الفتح: لك في نصب "زِينَةً" وجهان: إن شئت كان معلقا بما قبله، أي: خلقها زينة لتركبوها، وإن شئت كان على قولك: لتركبوها زينة، فزينة هنا حال من "ها" في "لتركبوها"، ومعناه: كقوله تعالى {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ} .
ومن ذلك قراءة [90و] الحسن: "وَبِالنُّجُمِ هُمْ يَهْتَدُون2"، وقرأ يحيى: "وبالنُّجْم" بضم النون ساكنة الجيم.
قال أبو الفتح: النُّجُم جمع نَجْم، ومثله مما كسر من فَعْل على فُعُل: سَقْف وسُقُف، ورَهْن ورُهُن، ونحوه ثَطٌّ3 وثُطٌّ. وقال أبو حاتم: سمعت أبا زيد يقول: رجل أَثَطُّ، فقلت له: أتقولها؟ فقال: سعتها -وكَثُّ اللحية وكُثُّ، وفرس وَرْد4 وخيل وُرْد، وسهم حَشْر5 وسهام حُشْر.
وإن شئت قلت: أراد النجوم، فقصر الكلمة فحذف واوها، فقال: النُجُم. ومثله من المقصور من فُعُول قول أبي بكر في أُسد: إنه مقصور من أُسُود فصار أُسُد، ثم أسكن فقال6: أُسْد7. ومثله قوله أيضا في ثِيرَةٍ جمع ثَوْر: إنه مقصور من ثِيَارَة؛ فلذلك وجب عنده قلب الواو من ثور ياء، ولو كان مُكُسّرًا على فِعَلَة لوجب تصحيحه فقيل: ثِوَرَة، كزَوْج وزِوَجَة وعَوْد وعِوَدَة.
وقال الراجز:
إن الفقير بيننا قاضٍ حَكَم ... أن ترد الماء إذا غابَ النُّجُم7
يريد النجوم. وقال الأخطل:
كلمعِ أيْدِي مثاكِيل مسلَّبَةٍ ... يندُبْنَ ضرسَ بناتِ الدهْرِ والخُطُب7
يريد الخطوب. وقد ذكرنا نحو هذا فيما مضى.
__________
1 سورة النحل: 8
2 سورة النحل: 16
3 من معاني الثط: الثقيل البطن.
4 فرس ورد: أحمر إلى صفرة.
5 سهم حشر: دقيق النصل، وأصل الحشر الدقيق من الأسنة.
6 في ك: فقيل.
7 انظر الصفحة 199 من الجزء الأول.

الصفحة 8