كتاب المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (اسم الجزء: 2)

وعليه أيضا قراءة يحيى: "وبالنُّجْم" ساكنة الجيم، كأنه مخفف من النُّجْم كلغة تميم في قولهم: رسْل، وكتْب.
ومن ذلك قراءة السلمى: "إيَّانَ يُبْعَثُون1".
قال أبو الفتح: فيه لغتان: أيان، وإيان، بالفتح والكسر وقد مضى فيما قبل2.
ومن ذلك قراءة مجاهد: "فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السُّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ3"، و"لِبُيُوتِهِمْ سُقْفًا4".
قال أبو الفتح: الذي قلناه آنفا5 في "النُّجْم" هو شرح لهذه القراءة.
ومن ذلك قراءة الحسن وإبراهيم وابن خيرة: "إِنْ تَحْرَصْ"، بفتح الراء.
قال أبو الفتح: فيه لغتان: حَرَصَ يحرِص وهي أعلاهما، وحرِصْتُ أحرَص. وكلاهما من معنى السحابة الحارصة، وهي التي تقشِر وجه الأرض. وشجة حارصة: التي تقشِر جلدة الرأس، فكذلك الحرص، كأنه ينال صاحبه من نفسه لشدة اهتمامه بما هو حريص عليه، حتى يكاد يحُت7 مستَقَر فكره.
ومن ذلك قراءة الناس: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً 8} بالباء، وروي عن علي "عليه السلام": "لَنُثْوِيَنَّهُمْ"، بالثاء.
قال أبو الفتح: نصب الحسنة هنا أي: يحسن إليهم إحسانا، وضع حسنة موضع إحسان، كأنه واحد من الحَسَن دال عليه، ودل قوله تعالى: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} على ذلك الفعل؛ لأنه إذا
__________
1 سورة النحل: 21.
2 انظر الصفحة 268 من الجزء الأول.
3 سورة النحل: 26.
4 سورة الزخرف: 33.
5 في ك: أيضا.
6 سورة النحل: 37.
7 حتَّ الشجرَ: قشره وأسقط ورقه.
8 سورة النحل: 41.

الصفحة 9