كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 2)

وَقَوْلُهُ: «وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ» يَعْنِي أَنَّهَا تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ أَيْضًا كَالصَّدَقَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ النَّزَّالِ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: «أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: إِنَّ الصَّوْمَ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ وَقِيَامُ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ» .
وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ» .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: أَنَّ النَّاسَ يَحْتَرِقُونَ بِالنَّهَارِ بِالذُّنُوبِ، وَكُلَّمَا قَامُوا إِلَى صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ أَطْفَئُوا ذُنُوبَهُمْ، وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ فِيهَا نَظَرٌ.
وَكَذَلِكَ قِيَامُ اللَّيْلِ يُكَفِّرُ الْخَطَايَا، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ نَوَافِلِ الصَّلَاةِ، وَفِي " التِّرْمِذِيِّ " مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ» . وَخَرَّجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ. وَخَرَّجَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي " صَحِيحِيهِمَا " مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا.

الصفحة 141