كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 2)

[الْكَهْفِ: 7] ثُمَّ بَيَّنَ انْقِطَاعَهُ وَنَفَادَهُ فَقَالَ: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 8] [الْكَهْفِ: 8] ، فَلَمَّا فَهِمُوا أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الدُّنْيَا، جَعَلُوا هَمَّهُمُ التَّزَوُّدَ مِنْهَا لِلْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْقَرَارِ، وَاكْتَفَوْا مِنَ الدُّنْيَا بِمَا يَكْتَفِي بِهِ الْمُسَافِرُ فِي سَفَرِهِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَرَاكِبٍ قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» .
وَوَصَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ أَنْ يَكُونَ بَلَاغُ أَحَدِهِمْ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ مِنْهُمْ سَلْمَانُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَوَصَّى ابْنَ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّهُ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَأَنْ يَعُدَّ نَفْسَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ.

الصفحة 191