كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 2)

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ قَالَ: التَّوَكُّلُ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ: أَوَّلُهَا: تَرْكُ الشِّكَايَةِ، وَالثَّانِيَةُ: الرِّضَا، وَالثَّالِثَةُ: الْمَحَبَّةُ، فَتَرْكُ الشِّكَايَةِ دَرَجَةُ الصَّبْرِ، وَالرِّضَا سُكُونُ الْقَلْبِ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، وَهِيَ أَرْفَعُ مِنَ الْأُولَى، وَالْمَحَبَّةُ أَنْ يَكُونَ حُبُّهُ لِمَا يَصْنَعُ اللَّهُ بِهِ، فَالْأُولَى لِلزَّاهِدِينَ، وَالثَّانِيَةُ لِلصَّادِقِينَ، وَالثَّالِثَةُ لِلْمُرْسَلِينَ. انْتَهَى. فَالْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ إِنْ صَبَرَ عَلَى مَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الرِّزْقِ أَوْ غَيْرِهِ، فَهُوَ صَابِرٌ، وَإِنْ رَضِيَ بِمَا يُقَدَّرُ لَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَهُوَ الرَّاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارٌ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا رِضًا إِلَّا فِيمَا يُقَدَّرُ لَهُ، فَهُوَ دَرَجَةٌ الْمُحِبِّينَ الْعَارِفِينَ، كَمَا كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَقُولُ أَصْبَحْتُ وَمَا لِي سُرُورٌ إِلَّا فِي مَوَاضِعِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ.
[الْحَدِيثُ الْخَمْسُونَ لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ]

الصفحة 509