كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 2)
«مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ، قَبْلَ أَنْ يَحُلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ، فَأَنْظَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ» . وَمِنْهَا الْإِحْسَانُ إِلَى الْبَهَائِمِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ سَقْيِهَا: فَقَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» ، وَأَخْبَرَ أَنَّ «بَغِيًّا سَقَتْ كَلْبًا يَلْهَثُ مِنَ الْعَطَشِ، فَغُفِرَ لَهَا» . وَأَمَّا الصَّدَقَةُ الْقَاصِرَةُ عَلَى نَفْسِ الْعَامِلِ بِهَا، فَمِثْلُ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ مِنَ التَّسْبِيحِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَالْمَشْيُ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَالْجُلُوسُ فِيهَا لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ، أَوْ لِاسْتِمَاعِ الذِّكْرِ. وَمِنْ ذَلِكَ: التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ، وَالْمَشْيُ، وَالْهَدْيُ، وَالتَّبَذُّلُ فِي الْمِهْنَةِ، وَاكْتِسَابُ الْحَلَالِ، وَالتَّحَرِّي فِيهِ. وَمِنْهَا أَيْضًا: مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ أَعْمَالِهَا، وَالنَّدَمُ وَالتَّوْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ السَّالِفَةِ، وَالْحُزْنُ عَلَيْهَا، وَاحْتِقَارُ النَّفْسِ، وَالِازْدِرَاءُ عَلَيْهَا، وَمَقْتُهَا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّفَكُّرُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَفِي أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُزِيدُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ، وَيَنْشَأُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ؛ كَالْخَشْيَةِ، وَالْمَحَبَّةِ، وَالرَّجَاءِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا التَّفَكُّرَ أَفْضَلُ مِنْ نَوَافِلِ الْأَعْمَالِ
الصفحة 91