كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 2)
وَمِنْ بابِ الْوَديعَةِ
الْوَديعَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: الشَّيْىءُ وادِعٌ، أَىْ ساكِنٌ، فَكَأَنَّها ساكِنَةٌ عِنْدَ الْمودَعِ، لا تُحَرَّكُ.
وَقيلَ: إنَّها مُشْتَقَّةٌ مِنَ الدَّعَةِ، وَهِىَ: الأَمانُ، أَىْ: هِىَ فِى أَمانٍ مِنَ التَّلَفِ عِنْدَ الْمُوْدَعَ.
قُلْتُ: وَهَذا الاشْتِقاقُ واحِدٌ؛ لأَن الْوَديعَةَ فاؤُهَا وَاوٌ، وَالدَّعَةُ فاؤها وَاوٌ. قَوْلُهُ تَعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) الْبِرُّ: اسْمٌ جامِعٌ لِلْخَيْرِ كُلِّهِ. وَالتَّقْوَى: فَعْلَى مِن اتَّقَيْتُ، وَالتّاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْواوِ، وَأَصْلُها: وَقْوَى، اتَّقى يَتَّقى، أصله: اوْتَقَى عَلَى افْتَعَلَ، فأُبْدِلَتِ الْواوُ تاءً وَهُوَ مِنَ الْوِقايَةِ. أَىْ: ما يَقى الِإنْسانَ مِنَ الْأذَى فِى الدُّنْيا وَفِى (¬2) الْآخِرَةِ مِنَ الْعَذابِ.
"كَشَفَ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا" (¬3) مَضى تَفْسيرُهُ فِى الْقَرْضِ (¬4).
قَوْلُهُ: "وَاللهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ" الْعَوْنُ: الظَّهيرُ عَلَى الأَمْرِ، وَالْجَمْعُ أَعوَانٌ.
وَقَوْلُهُ تَعالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) أَىْ: تَظاهَرُوا (¬5) وَتَساعَدوا وَلَا يَنْفَرِد بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ.
¬__________
(¬1) سورة المائدة آية 2.
(¬2) فى ساقطة من ع.
(¬3) فى المهذب 1/ 358: يستحب لمن قدر على حفظ الوديعة وأداء الأمانة فيها أن يقبلها؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ولما روى أبو هريرة أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله تعالى فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه".
(¬4) القسم الأول 1/ 260.
(¬5) ع: تعاهدوا.
الصفحة 12
544