كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 2)

وابن حبان وصححه أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله وسلم: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم1 بينكما" فأتى أبويها فأخبرهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فإني أنشدك2 كأنها عظمت ذلك عليه فنظرت إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها ذكره أحمد وأهل السنن وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قال "كنت عند النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنظرت إليها قال لا قال فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا" وفي الباب أحاديث "ولا نكاح إلا بولي" لحديث أبي موسى عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وابن حبان والحاكم وصححاه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لانكاح إلا بولي" وحديث عائشة عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم وأبي عوانة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" وفي الباب أحاديث قال الحاكم وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش ثم سرد تمام ثلاثين صحابيا. أقول الأدلة الدالة على اعتبار الولي وأنه لا يكون العاقد سواه وأن العقد من المرأة لنفسها بدون إذن وليها باطل قد رويت من طريق جماعة من الصحابة فيها الصحيح والحسن وما دونهما فاعتباره متحتم وعقد غيره مع عدم عضله باطل بنص الحديث لا فاسد على تسليم أن الفساد واسطة بين الصحة والبطلان ولا يعارض هذه الأحاديث حديث "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن" ونحوه كحديث "ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر" لأن المراد أنها أحق بنفسها في تعيين من تريد نكاحه إن كانت ثيبا والبكر يمنعها الحياء من التعيين فلا بد من استئذانها وليس المراد أن الثيب تزوج نفسها أو توكل من يزوجها مع وجود الولي فعقد النكاح أمر آخر وبهذا تعلم أن لا وجه لما ذهبت
__________
1 أي تحصل الموافقة والملائمة بينكما.
2 أي أقسم عليك بالله

الصفحة 11